كتاب الإيضاح شرح المصباح الشهير (بشرح الثلاثين المسألة)،

أحمد بن يحيى حابس (المتوفى: 1061 هـ)

المسألة التاسعة عشرة أن القرآن محدث

صفحة 223 - الجزء 1

  لم يحتج إلى من يحفظه، وإن قالوا: إنّا نُريد أنه موجودٌ به قيل لهم: إن أردتم بذلك أنه فاعلٌ له كما يُقال السَّماواتُ والأرض موجودةٌ بالله بمعنى: أنه الفاعلُ لهما فذلك هو الذي نقول، لكنّه يُبْطِلُ مذهبكم من القول بقدمه، وإن أَردتم أنه لولا اللهُ لَمَا وُجِدَ القرآنُ فهو أيضاً يحصل منه غرضُنا وهو القول بحدوثه، لكن هذا اللفظ لا يصح إطلاقُهُ لأنه ليس يلزم فيما وَقَفَ وُجُودُهُ على وجود غيره أن يُقال إنه قائمٌ بذاته، ألَا ترى أنّ العلم يحتاج في وجوده إلى الحياة ولا يصح أن يُقال إنّ العلم قائمٌ بذات الحياة فيبطل قولهم بإثبات كلام قائم بذات الباري تعالى.

  (فَثَبَتَ بِذَلِكَ) الذي قرّرناه من الأدلّة ونفي شُبه المخالفين (أنَّ الْقُرْآنَ كَلَامُ اللهِ تَعَالَى دُونَ أَنْ يَكُونَ كَلَاماً لِغَيْرِهِ) وبطل ما قاله المخالفُ.

«المسألة التاسعة عشرة» [أنَّ الْقُرْآنَ مُحْدَثٌ]

  (أنَّ) هذا (الْقُرْآنَ الَّذِي هُوَ) بقيام الأدلّة القطعيّة (كَلَامُ اللهِ تَعَالَى مُحْدَثٌ) هذا هو مذهب أهل العدل وغيرهم. وقالت الحشوية: بل القرآنُ هذا الذي نقرؤُه في المصاحف، ونتلوه في المحاريب قديمٌ. وأما الأشعريّة والكرامية فإنهم يوافقوننا في أنّ هذا الْمَتْلُوَّ فيما بيننا محدَث، وإنما يخالفوننا في إثبات الكلام النفساني القائم بذات القديم ويجعلونه قديماً كما تقدّم من حكاية مذهبهم وإبطال مقالتهم. وأمّا المطرفيّة: فعندهم أنّ هذا القرآن ليس بمُحدَثٍ ولا قديمٍ، ويقولون: إنه حُدُوثٌ، وكذلك قولهم في سائر الأعراض. قال الجمهور من القائلين بأنه مُحدَثٌ: ويوصفُ أيضاً بأنه (مَخْلُوقٌ) وقال محمد بن شُجاع من علماء المعتزلة، وبه قالت الأشعرية والكرامية: لا يُوصف بأنه مخلوقٌ وإن كان