كتاب الإيضاح شرح المصباح الشهير (بشرح الثلاثين المسألة)،

أحمد بن يحيى حابس (المتوفى: 1061 هـ)

تنبيه

صفحة 130 - الجزء 1

  الأيدي إلى السّماء عند الدُّعاءِ فلأنها قِبْلَةٌ للدُّعاءِ، ومنها تنزل البركاتُ والخيراتُ، وليس هذا يوجب كونه تعالى فيها.

«تنبيهٌ»

  قال الجمهور ولا يصح أن يُقال إنه تعالى بكل مكانٍ بمعنى: حافظٍ مُدبِّرٍ سواءٌ أطلق القول، أو قيَّده فقال عقيب ذلك: أي: حافظ مدبّر، وقال أبو القاسم البلْخي: بل يجوز مع التقييد.

  قلنا: المكانُ حقيقةٌ للأجسام وإستعمالُهُ بذلك المعنى مجازٌ فلا يجوز إلّا بإِذنٍ سمعيٍّ ولم يرد سمعٌ بذلك. وتحقيق هذه القاعدة أن الأسماءَ التي لا تتضمّن مدحاً لا يجوز إطلاقُها على الباري تعالى، ومن هنا نصّ القاسم والهادي @ على أنه لا يجوز أن يجريَ على الباري لفظ (شيءٍ) إلّا مع قيدٍ (لا كالأَشيآءِ) ليفيد المدح، خلافاً للمهدي وأبي هاشم. وما تضمّن مدحاً جاز إطلاقُهُ على الباري، لكن إن كان حقيقةً فلا يفتقر إلى إِذنٍ سمعيّ عند الجمهور. قال إمامنا أيَّدهُ الله تعالى: إلّا ما سمّى به نفسه من الحقائق الدينية يعني: كرحمن ورحيم فتفتقر إلى إِذنٍ سمعيّ كالمجاز، وقال المرتضى، والبلخي، وجمهور الأشعرية: بل الحقيقةُ مفتقرةٌ كالمجاز.

  قلنا: إذاً لامتنع وصفه تعالى بما يجوز له ممّن عرفه ولا تبلغه الرُّسل ولا مانع عقلاً (وَ) كذلك لا يجوز على الباري تعالى (الزِّيَادَةُ والنُّقْصَانُ) وأن يكون محلّاً لغيره، وكذلك أوصاف الحيّ من الأجسام لا تجوز عليه تعالى كالإستراحة، والغمّ،