كتاب الإيضاح شرح المصباح الشهير (بشرح الثلاثين المسألة)،

أحمد بن يحيى حابس (المتوفى: 1061 هـ)

خاتمة في الفرقة الناجية

صفحة 376 - الجزء 1

  اللهَ وَلَا تُشْرِكْ بِهِ شَيْئاً وَزُلْ مَعَ الْقُرْآنِ حَيْثُ زَالَ، قال: زدني قَالَ: من أتاك بالحقِّ فَاقْبَلْهُ وَإِنْ كَانَ بَعِيداً بغيضاً وَمَنْ أَتاكَ بِالْبَاطِلِ فَارْدُدْهُ وَإنْ كَانَ حَبِيباً قَرِيباً».

  فلو كانت الكثرةُ تدلُّ على صحة صحيح لأرشده الرسول ÷ إِليها ودلّه عليها.

  وبالإسناد الموثوق به إلى النبيء ÷ أنّه قال: «واقنع بقبول الحق من حيث ورد عليك، وميّز بعقلك ما اشتبه عليك، فَإنَّهُ حجة الله عليك ووديعته عندك وبرهانه فيك».

  وكيف تكون الكثرة دالة على الحق والنبيء ÷ كان في إِبتداء أمره في قِلَّةٍ من أصحابه وهو على الحق ومن اتّبعه. ومن عَنَدَ عنه من الكفار - على أنّهم مِلْءُ الأرض - على ضلالٍ، فهل كان يسعهم الإعتذار من ترك متابعته بأنّهم أوْلَى بالحق منه لمكان كثرتهم؟ كَلَّا بل هو ÷ المُحِقُّ وهم المُبطلون، والمهتدي وهم الضّالون.

  وممّا يوضح لك الحال: أنّ الغالب على أكثر أهل الدنيا: أنواع الفسق من: الظلم، والكذب، والبغي، والعُدوان، وسائر أَصناف العصيان.

  والعدل الثّقة قليلٌ جدّاً بالإضافة إِلى غيره، بل ربَّما لا يوجد العدلُ المرضيُّ في البلاد الكبيرة على كثرة أهلها فكيف يُرجِّحُ ذُو تمييزٍ مذهبه بكثرة القائلين به؟

  وفيما ذكرنا كفاية لمن أنصف نفسه ولم يَعْمِ التّعصبُ عينَ بصيرته. ومن اهتدى فلنفسه ومن ضل فإنما يَضِلُّ عليها.