[الوجه الثالث مماتمسكوا به]
  والمقدمة الثانية تصح(١)؛ إذ لو لم يعقل نفسه لم يعقل غيره، ومعلوم أنه يعقل غيره، فصح أنه يعقل نفسه.
  الاعتراض: أنا لا نسلم صحة واحدة من المقدمتين؛ لأنها مبنيتان على أن العقل هو الذي يعقل، وذلك مدفوع، بل العاقل هو الشخص، والعقل آلة بها يعقل الأشياء، فهو في كونه آلة جاريا مجرى العين والأذن وسائر الآلات التي بها يدرك الحي ما يدركه.
  ثم استدلالهم على صحة المقدمة الأولى غير صحيح؛ لأنه ليس فيه أكثر من مجرد التشبيه(٢) من غير جامع يجمع بين الأمرين ولا بيان لمشاركتهما في وجه والحكم، حتى إذا ثبت لأحدهما ثبت مثله للآخر، ومثل هذا التشبيه لا يعجز عنه أحد، وما هذا إلا بمثابة قول [القائل](٣): هذا الفرس لا يقدر على قطع هذه المسافة؛ لأن هذه الفرس لا يقدر على قطعها، أو قول ... (٤)، .......... (٥).
  بطلان ذلك لأنه اقتصار على مجرد التشبيه كذلك هذا.
  فإن قيل: إنها استحال في الرؤية أن ترى نفسها لكونها رائية بآلة جسمانية، فكذلك العقل لو كان يعقل بآلة جسمانية لم يعقل نفسه.
  قيل لهم: لم قلتم: إن استحالة الرؤية لنفسها لما ذكرتم؟ فلا يجدون إلى
(١) كذا، أو «فصح».
(٢) كذا تقرأ، ويمكن أن تقرأ: «النسبة» ..
(٣) غير ظاهر بسبب الرطوبة.
(٤) كلمة غير ظاهرة بسبب الرطوية. نهاية ١٧٠ أ.
(٥) سطر كامل في أول الورقة غير ظاهر بسبب الترميم بلاصق ورقي غطى الكتابة.