المقدمة
المقدمة
  
  وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وآله
  شهر رجب هو شهر الخير والبركة، فهو موسم من مواسم الله ø لعباده، فهو الشهرُ الأصب، الذي يصب اللهُ فيه الرحمة على عباده صباً، فأيامه هي أيام الخير والبركة، وأيام الفضل والأجر، وهو الشهر الأصم، الذي لا يقاربه ولا يدانيه في الفضل شهر من الأشهر غير رمضان، شهر رجب الذي هو الشهر المنفرد من أشهر الحرم الأربعة التي عظمها الإسلام تعظيماً كبيراً، كما قال الله تعالى {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ}[التوبة: ٣٦]، فثلاثة منها متتابعة وهي شعر القعدة والحجة ومحرم، وشهر منفرد وهو شهر رجب، وقد كانت الجاهلية تعظمها، وتستعظم انتهاك الحرمة فيها بقتل أو غدر أو نحو ذلك، فلما شق ذلك عليها كانوا إذا دخل شهر من الأشهر الحرم وهم في قتال انتهكوا فيه أياماً ثم جعلوا بدلاً عنها أياماً أخرى من شهر آخر ويزيدون عليها ضعفاً، كما قال تعالى {إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُحِلُّونَهُ عَامًا وَيُحَرِّمُونَهُ عَامًا لِيُوَاطِئُوا عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ فَيُحِلُّوا مَا حَرَّمَ اللَّهُ زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ أَعْمَالِهِمْ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ ٣٧}[التوبة]، فلما جاء الإسلام زاد هذه الأشهر تعظيماً وتشريفاً، وعاب اللهُ تعالى على المشركين انتهاكهم لحرمة الأشهر الحرم.