إظهار العجب بما ورد في رجب،

إبراهيم الدرسي (معاصر)

ثانيا: مولد أمير المؤمنين علي #

صفحة 67 - الجزء 1

  الفيل، قبل البعثة باثني عشر عاماً، وقبل الهجرة بخمسة وعشرين عاماً، ولم تكن ولادة أمير المؤمنين علي # أمراً عادياً، كولادة غيره من الأطفال، بل إن ولادته # ذات مميزات عالية، وخصائص سامية، لم يشاركه فيها أحد قبله ولا بعده، فقد أكرمه الله تعالى حال حمله وولادته بكرامات بينة، ودلائل على الفضل واضحة، فلقد كان وهو في بطن أمه إذا أرادت السجود للأصنام، والإنحناء للأوثان يعترض في بطنها، ويرتكز في رحمها، ليمنعها من السجود لغير الله، أو الإنحناء لغير الله تعالى، إئذاناً من الله تعالى وإعلاماً، بأن هذا الحمل الطاهر، لا ينبغي أن يطأطأ رأسَه لغير الله، ولا أن ينحني صلبه خضوعاً إلا لله، فلم تكن والدتُه فاطمةُ بنتُ أسد الهاشمية تستطيع أن تسجد للأصنام منذ أن حملت به، وكان حملاً مباركاً، لم تتعب أمه في حمله كتعبها فيمن قد حملت به قَبْلَه.

  ولما أن أراد الله تعالى خروج ذلك الحمل المبارك إلى الدنيا، كانت أمه تطوف بالبيت، فضربها الطَّلْقُ، وجاءها المخاض، فلم تتمكن من الخروج من المسجد لشدة الألم، وصارت في حيرة وريبة من أمرها، فهي لا تريد أن يشعر بها أحد، ولا أن يعلم بها أحد ممن كان يطوف بالبيت، حِشمةً وحياءً، فأخذت تدعو الله تعالى أن ييسر عليها ولادتها بحق البيت، ومن بناه، فلمَّا زادت كُربتُها، واشتدت مِحنَتُها، أرادت الدخولَ تحت أستار الكعبة لتستتر بها حال وضعها، وكانت مقابلةً للركن العراقي الذي يقابل ركنَ الحجر الأسود من الجهة الغربية، فاستجاب اللهُ دعاءها، فلم تنتبه إلا بحصول الأمر العظيم، والخطب المدهش الجليل، وهو انشقاق الركن وانفتاحُه، فسارعت الدخول إلى الكعبة المشرفة، من باب سِريٍّ خاص، لم يفتح