[الشفاعة]
  خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ ٢٨}[الأنبياء]، وقوله تعالى: {أَفَأَنْتَ تُنْقِذُ مَنْ فِي النَّارِ ١٩}[الزمر]، ثم سائر الآيات التي تلوناها في إثبات الوعيد دآلة على أن أهل الكبائر معذبون، نعوذ بالله من عذابه ونسأله العون على الإنابة والتوبة والعصمة. وإذا ثبت أنهم معذبون، ثبت أن النبي ÷ لا يشفع لهم.
  فإن قيل: فإذا لم تجوزوا الشفاعة إلا للمؤمنين فلا معنى لها، فلا فائدة فيها، لأن المؤمنين قد استحقوا الغفران والثواب وإن لم يشفع لهم شافع؟
  قيل له: ليس الأمر على ما ظننت، لأن الشفاعة تكون عندنا للمؤمنين في المزيد، وما يتفضل به عليهم من أنواع النعيم التي لا يستحقونها بعد ما يُوفون أجورهم المستحقة، وهذا معقول في الشاهد، لأن الإنسان كما يشفع لغيره في إزالة العقاب عنه، قد يشفع ليتفضل عليه ويزاد على مستحقه من المنافع.
  فإن قيل: فما تقولون فيما روي عن النبي ÷: «ادخرت شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي»؟
  قيل له: معنى هذا الحديث عندنا إن صح وثبت: هو فيمن تاب من أهل الكبائر، لأن من تاب منهم إذا لم تكثر طاعته بعد التوبة قلَّ ما يستحقه من الثواب، يشفع له النبي ÷ ليتضاعف ما يصل إليه من المنافع، هذا معنى الخبر وتأويله.