التبصرة في التوحيد والعدل،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

[القرآن]

صفحة 56 - الجزء 1

[القرآن]

  فإن قيل: فما قولكم في القرآن؟

  قيل له: نزعم أنه كلام الله، ووحيه ومستنزله، وأنه مخلوق، والدليل على ذلك أنه محدَث، ولا محدِث له إلا الله، وما أحدثه الله تعالى، فيجب أن يكون مخلوقاً.

  فإن قيل: ولم قلتم إنه محدث؟

  قيل له: لأنه سور مفصلة، وله أول وآخر، ونصف وثلث وسبع، وما كان كذلك فيجب أن يكون محدثاً، لأن كل ذلك شيء يستحيل على القديم تعالى، وأيضا فإنا قد بينا فيما تقدم من هذا الكتاب أن ما شارك القديم تعالى في كونه قديماً فيجب أن يكون مثلاً له، وقد بينا أن الإله لا مثل له، فوجب أن لا يكون القرآن قديماً، وإن لم يكن قديما فوجب حدوثه، وقد قال الله تعالى وجل ذكره: {مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ ٢}⁣[الأنبياء]، وقال: {وَمَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنَ الرَّحْمَنِ مُحْدَثٍ}⁣[الشعراء: ٥]، والذكر هو القرآن.

  ألا ترى إلى قول الله تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ٩}⁣[الحجر]؟