[مراد الله من المكلفين الطاعات]
  مريداً للضدين في حالة واحدة، وذلك محال، ويجب أن يكون الواحد منا إذا أراد أن يرزق أموالا وأولادا، أن القديم أيضا مريدا لذلك، وهذا فاسد، فثبت بطلان القول بأنه مريد لنفسه، وإذا بطل ذلك ثبت أنه مريد بإرادة محدثة.
[مراد الله من المكلفين الطاعات]
  فإن قيل: ما الذي أراد الله تعالى من جميع المكلفين عندكم من الكافر، والفساق؟
  قيل له: الذي أراد الله تعالى من جميع المكلفين برهم وفاجرهم، مؤمنهم وكافرهم، هو الطاعات، الفرائض منها والنوافل، ولا يجوز أن يريد شيئا من القبائح.
  ألا ترى إلى قوله تعالى: {يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ٢٦ وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا ٢٧ يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا ٢٨}[النساء]، وقال: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ}[البقرة: ١٨٥]، وقال: {وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِلْعِبَادِ ٣١}[غافر]، فنفى عن نفسه إرادة القبائح، وبيَّن أنه مريد للطاعة، وكذَّب الله تعالى من أراد إضافة الشرك إلى الله ووبخهم على ذلك، فقال تعالى: {وَقَالَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا عَبَدْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ نَحْنُ وَلَا آبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ كَذَلِكَ فَعَلَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَهَلْ عَلَى الرُّسُلِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ ٣٥}[النحل]، وقال: {سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ حَتَّى ذَاقُوا بَأْسَنَا قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ ١٤٨}