[تخليد أهل الكبائر في النار]
باب الوعد والوعيد
  فإن قيل: فما قولكم في الوعد والوعيد؟
  قيل له: نقول إذا ثبت بما قدمنا من الدليل على أن النبي ÷ يجب كونه صادقا في جميع ما أخبر به عن الله تعالى، فيجب أن يقطع على أن جميع ما أخبر به عن الله تعالى من الوعد والوعيد حق، وإذا ثبت ذلك، ثبت أن ما أخبر الله تعالى به من أنه ثابت يثيب غداً، ويعاقب غدا، فإنه كائن لا محالة، ولا يجوز أن يقع في شيء من خبر الله تعالى، ولا خبر رسوله ÷ خُلف ولا تبديل، قال الله تعالى: {مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ}[ق: ٢٩].
[تخليد أهل الكبائر في النار]
  فإن قيل: فما قولكم في فسق أهل الصلاة المرتكبين للكبائر؟
  قيل له: نقول إنهم معذبون في الآخرة بالنار، خالدين فيها أبدا.
  والدليل على ذلك قول الله ø: {وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا}[النساء: ١٤]، وقوله تعالى: {إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ ١٣ وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ ١٤ يَصْلَوْنَهَا يَوْمَ الدِّينِ وَمَا هُمْ عَنْهَا بِغَائِبِينَ ١٦}[الانفطار]، وقوله تعالى: {وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ٢٣}[الجن]، فهذه الآيات قد حكمت بأن كل من ارتكب الكبائر، ولزمه اسم الفسق معذب في النار أبداً، فأما من تاب فإنه مخصوص في هذه الآيات بقوله تعالى: {إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا}[مريم: ٦٠]، وبقوله تعالى: {فَمَنْ تَابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ٣٩}[المائدة].
  فأما أصحاب الصغائر فقد أخبر الله تعالى عنهم أنه يغفر لهم، قال تعالى: {إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا ٣١}[النساء].