أخبار الإمام زيد (ع)،

أبو مخنف الأزدي (المتوفى: 157 هـ)

[من أخبار الإمام زيد بن علي @ مع هشام بن عبد الملك]

صفحة 92 - الجزء 1

  بِتَقْوَى الله اسْتَنْفَرَهُمُ الشَّيْطَانُ وَأَخَذَتْهُمُ العِزَّةُ بِالإثْمِ». فَقَالَ هِشَام: هَذَا تَحقِيقُ مَا رُفِعَ إليَّ فِيكَ مِنْ أَمْرِكَ، أنْ تَضَعَ نَفْسَكَ فِي غَيرِ مَوْضِعِهَا، وَتَرْفَعَهَا عَنْ مَكَانِهَا، فَأَرْبِعْ عَلى⁣(⁣١) نَفْسِكَ، وَاعْرِفْ قَدْرَكَ، وَلا تُسَاوِرَنَّ سُلْطَانَكَ، وَلا تُخَالِفَنَّ عَلى إِمَامِكَ. فَقَالَ زَيدُ بن عَلي @: «مَنْ وَضَعَ نَفْسَهُ فِي غَيرِ مَوْضِعِهَا أَثِمَ بِرَبِّهِ، وَمَنْ رَفَعَ نَفْسَهُ عَنْ مَكَانِهَا خَسِرَ نَفْسَه، وَمَنْ لَم يَعْرِفْ قَدْرَهُ ظَلّ عَنْ سَبِيلِ رَبِّهِ، وَمَنْ سَاوَرَ سُلْطَانَهُ وَخَالَفَ إِمَامَهُ هَلَكَ. أَتَدْرِي مَنْ ذَلَكَ يَا هِشَامُ؟. ذَلِكَ مَنْ عَصَى رَبَّهُ، وَتَكَبَّرَ عَلى خَالِقِهِ، وَتَسَمَّى بِاسْمٍ لَيسَ لَهُ، وَأمَّا الذِي أَمَرَكَ بِتَقْوَى الله؛ فَقَدْ أَدَّى إلى الله النَّصِيحَةَ فِيكَ، وَدَلَّكَ عَلى رَشَدِكَ». ثُمّ وَلّى خَارِجَاً. فَقَال هِشام: يَقُولُونَ قَد ذَهَبَ أهْلُ هَذَا البَيتِ!، هَيْهَاتَ مَا ذَهَبُوا مَا دَامَ هَذَا فِيهِم⁣(⁣٢).


= جَدُّهُ رَسُولُ الله ÷ وَأَبُوه عَلِيُّ بن أبي طَالِبٍ، فَوَثَبَ هِشَامٌ مِنْ مَجْلِسِهِ، وَتَفَرَّقَ الشَّامِيُّونَ، وَدَعَا قَهْرَمَانَهُ فَقَالَ: لاَ يَبِيتَنَّ هَذَا فِي عَسْكَرِي فَخَرَجَ أبو الْحُسَيْنِ زَيْدُ بن عَلِيٍّ # وَهُوَ يَقُولُ: لَمْ يَكْرَهْ قَوْمٌ قَطّ حَرَّ السُّيُوفِ إلاّ ذَلُّوا. * قَالَ يَحْيَى بن الْحَسَنِ الْعَقِيقِي: وَذَكَرَ الْمَدَاينِي نَحْوَ حَدِيثِ كُلَيْبٍ إِلاّ أَنَّهُ زَادَ فِيهِ: أَنَّ هِشَاماً لَعَنْهُ الله تَعَالَى، قَالَ لأَهْلِ بَيْتِهِ بَعْدَ مَا خَرَجَ زَيْدٌ مِنْ عِنْدِهِ: أَلَسْتُمْ تَزْعُمُونَ أَنَّ أَهْلَ هَذَا البَيْتِ قَدْ بَادُوا، أَلاَ لَعَمْرِي مَا انْقَرَضَ قَوْمٌ هَذَا خَلَفُهُمْ» [تيسير المطالب في أمالي أبي طالب: ١٦١]، والمدائني فمن الرواة عن أبي مخنف.

(١) في (ب): عن نفسك.

(٢) روى هذه الحكاية عن الزّهري العلامّةُ أحمد بن موسى الطّبري، قال: «عن الزهري قال: دخل زيد بن علي # على هشام بن عبدالملك، فسلم عليه، فرد هشام - لعنه الله - #، ورفع مجلسه، وأقبل عليه بوجهه، وتبسم إليه، فأقبل زيدٌ على هشام، فقال: اتق الله أيها المرء، فما أحد من خلق الله فوق أن يؤمر بتقوى الله، ولا أحدٌ دون أن يأمر بتقوى الله، كفاك كبيرة أن تكون من الذين إذا أمروا بتقوى الله، استفزهم الشيطان، وأخذتهم العزة بالإثم. فقال هشام: هذا تحقيق ما رفع إليَّ منك، ومن =