[طائفة من الأخبار في أحداث المعركة مع الأمويين]
= حتى بلت دموعه لحيته، فقلت له: يا بن رسول الله، ما لك أكثرت البكاء؟ فقال: ذكرت عمي زيدا وما صنع به فبكيت. فقلت له: وما الذي ذكرت منه؟ فقال: ذكرت مقتله، وقد أصاب جبينه سهم، فجاءه ابنه يحيى فانكب عليه، وقال له: أبشر يا أبتاه، فإنك ترد على رسول الله وعلي وفاطمة والحسن والحسين (À). قال: أجل يا بني، ثم دعا بحداد فنزع السهم من جبينه، فكانت نفسه معه، فجئ به إلى ساقية تجري عند بستان زائدة، فحفر له فيها ودفن، وأجرى عليه الماء وكان معهم غلام سندي لبعضهم، فذهب إلى يوسف ابن عمر من الغد فأخبره بدفنهم إياه، فأخرجه يوسف بن عمر فصلبه في الكناسة أربع سنين، ثم أمر به فأحرق بالنار، وذري في الرياح، فلعن الله قاتله وخاذله، وإلى الله جل اسمه أشكو ما نزل بنا أهل بيت نبيه بعد موته، وبه نستعين على عدونا، وهو خير مستعان» [أمالي الصدوق: ٤٧٧]، وقال سبط ابن الجوزي: «ثم بعث إليهم يوسف جيشًا آخر، فقاتلوهم في الليل إلى أن تهوَّر [الليل] فجاء زيدَ بنَ عليّ سهمٌ في جبهته، فثبتَ فيها، ووصلَ إلى دماغه، فرجعَ ورجعَ أصحابه، ولا يظنُّ أهلُ الشَّام أنَّهم رجعوا إلَّا بسبب المساء والليل. وجاء أصحابُه بطبيب يقال له: سفيان - مولًى لبني رُؤاس - فانتزع النَّصْل من جبهته، فصاح ومات. فقال أصحابُه: أين ندفنه؟ واختلفوا فيه، فقال بعضهم: نُلبسه درعه ونلقيه في الماء، وقال آخرون: بل نحزُّ رأسَه ونرميه بين القتلى. فقال ابنُه يحيى: لا والله، لا تأكل الكلاب لحم أبي. فدفنوه في حفرة، وسكَّروا ماء النهر، وأجْرَوْا عليه الماء. وأصبح يوسف بن عمرو قد تفرَّق أصحاب زيد، فعلم أنَّه قد قُتل، فجعل يفتِّشُ القتلى عليه، وكان معهم لما دُفن غلامٌ سِنْديّ، فدلَّهم على مكانه، فاستخرجَه يوسف، فقطع رأسَه، وبعث به إلى الشَّام، وصلبَ بدنَه بالكُناسة [هو] وجماعةٌ ممن كان معه: نصر بن خُزيمة، ومعاوية بن إسحاق بن زيد بن حارثة الأَنْصَارِيّ وغيرُهما» [مرآة الزمان في تواريخ الأعيان: ١١/ ١٦١]، وفي مقاتل الطالبيين: «قال هشام فحدّثني نصر بن قابوس، قال: فنظرت والله إليه حين أقبل به على جمل قد شدّ بالحبال، وعليه قميص أصفر هروي، فألقى من البعير على باب القصر فخرّ كأنه جبل. فأمر به فصلب بالكناسة، وصلب معه معاوية بن إسحاق، وزياد الهندي، ونصر بن خزيمة العبسي» [مقاتل الطالبيين: ١٣٨].