الفصل الثاني: المخطوط، مؤلفه ومنهجيته:
  ولكنّنا نجدُ ذلك يقلّ كلّما تجّهنا إلى جانب التّدوين الزّيدي فإنّهم يهتمون بطائفَة مِنَ الأخبار هِي أكثرُ تَفصيلاً في حَال وشأنِ الإمام زيد بن علي # والطّالبيين بعُموم، فنجدُ أبا الفرج الأصفهاني يتوّسع في الأخبار، ونجدُ كذلك أبَا العباس الحسني #، وأحمد بن موسى الطّبري يتوسّعان أكثَر في الأخبار بعُموم، وأبو مخنف فهُو مِن رجال الزيدية ومُحدّثيهم، فلذلك سيقفُ الباحثُ في هذه الرّسالة على أخبارٍ ذات ثقل لم يهتمّ بها ولا بِنَقْلها عنه أهل التّراجم والسّير.
  على أنّه تجدرُ الإشارَة إلى أنّ أبا مخنف واسع الرّواية في التأريخ، وله مصنّفاتٌ كثيرة، وهذا يُفسّر لنا وجود أخبارٍ يرويها في الكُتب المذكورة أيضاً وَغيرها في أخبار الإمام زيد بن علي # ليسَت في كتابه هذا، كما أنّه له أخباراً في هذا الكتاب لم يذكُرها أصحاب الكُتب المذكورَة، وهذا جائزٌ مِن عَادة المؤرّخين في الاقتصار على بعض الكُتب لأبي مِخنف أو غيرهِ دون كُتبٍ أخرَى، أو الاختصار بِسَوْقِ بَعْض الرّوايات لا كلّها انتقاءً لما يروْنَه، فيكون ما رواهُ الطّبري عن أبي مِخنف هُو انتقاءات الطّبري من جُملة روايات أبي مِخنف، لا أنّه يأتي بكلّ أخبار أبي مِخنَف، كما أنّه يجوزُ أن يكونَ هذا الكتاب في أخبار الإمام زيد بن علي ويحيى بن زيد $ كتاباً صغيراً لهُ من كتاب تأريخيّ كبيرٍ واسعٍ في الرّواية، كما طريقة أبي الفرج الأصفهاني فإنّ المقاتل كتابٌ صغيرٌ من كتابٍ كبيرٍ في سيرة الطّالبيين، ويؤيّدُ ذلك من حالِ أبي مِخنف في الكُتب الكبيرَة والصّغيرة، قول الموفّق الخوارزميّ: «وذكرَ أبو مخنف في تَاريخه الكبير: أنّ عبد الله بن دباس جاء إلى المختار فأخبرَه ... إلخ»(١)، فهذا كلّه يُجيبُ عن تساؤلِنا عن وجودِ أخبارٍ في كُتب التأريخ لا نجدهُا
(١) مقتل الحسين للخوارزمي: ٢/ ٢٥٥.