الفصل الثاني: المخطوط، مؤلفه ومنهجيته:
  وأختمُ هذه الجُزئيّة بأنّ هذا الكتاب يظهرُ كان في مُتناول عددٍ مِن أعلام الزيديّة المتقدّمين والمتأخّرين، بل قد استقَوا بعض أخبارِ هذا الكتاب، وأقدَمهُم - فيما وقفتُ عليه - في القرنين الثّالث والرّابع الهجريّين العلاّمة أبو الحسين أحمد بن موسى الطّبري (ت ٣٤٠ هـ) في كتابه «المنير»، والعلاّمة يحيى بن يوسف الحجوري (ت تقريباً ٦٤٠ هـ) في كتابه «روضة الأخبار»، والعلامة الأمير أبو علامة محمد بن عبد الله المؤيّدي (ت ١٠٤٤ هـ) في كتابه «التحفة العنبريّة في المُجدّدين من أبناء خير البريّة»، وقد ذكر القاضي العلاّمة أحمد بن أحمد السياغي كلاماً للإمام زيد بن علي # عزَاه إلى سيرة أبي مِخنف - وقد مرّ معك قريباً في التوثيقات -، فقال: «ويقال لهم: علماء السوء؛ ولما روي في سيرة أبي مخنف عن الإمام زيد بن علي أنه قال: «ليس العلماء الذين علموا ... إلخ»(١).
  يبقَى هل كانَ الكتاب من مُعتمَدات الإمام الهادي إلى الحقّ يحيى بن الحسين #، (٢٤٥ - ٢٩٨ هـ) حيث وقفتُ على رواياتٍ له # رواها أبو مِخنف في هذا الكِتاب - ستجدها ضمن شواهد الرّوايات داخل الكتاب - أم أنّ تلك الرّوايات عنه # كانت من غير طريقِ أبي مخنف عن أسلافِه، ذلك كلّه وارد. وجديرٌ أن أشير إلى أنّ هذه المادّة جدّ مهمّة وفريدَة وذات توجيه عقائديّ وتأريخيّ وأدبيّ ورجاليّ لكثيرٍ من الباحثين، خصوصاً مع إطباق الزيدية والإمامية على وثاقة أبي مِخنف - وسنأتي على ذكر ذلك عند ترجمته قريباً -. هذا وقد اجتهدتُ في تتبّع شواهدها في كُتب المُحدّثين والمُؤرخّين بما سيقفُ عليه الباحث في حواشي هذا الكتاب.
(١) المنهج المنير تتمة الروضة النضير.