الفصل الثاني: المخطوط، مؤلفه ومنهجيته:
  المِنقري تأنيب أمير المؤمنين # لأشراف الكوفة تأخّرهم عنه، ثمّ قالَ # وهُو ينظُر إلى مِخنف بن سُليم: «لكنّ مِخنف بن سُليم وَقومَه لم يتخَلّفُوا، ولم يكُن مَثلهم مَثل القَوم الذين قال الله تعالى: {وَإِنَّ مِنكُمْ لَمَن لَّيُبَطِّئَنَّ فَإِنْ أَصَابَتْكُم مُّصِيبَةٌ قَالَ قَدْ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيَّ إِذْ لَمْ أَكُن مَّعَهُمْ شَهِيدًا ٧٣ وَلَئِنْ أَصَابَكُمْ فَضْلٌ مِّنَ اللَّهِ لَيَقُولَنَّ كَأَن لَّمْ تَكُن بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ مَوَدَّةٌ يَا لَيْتَنِي كُنتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزًا عَظِيمًا}(١) [النساء: ٧٣ - ٧٤]، وكذلك كان بلاءُ مِخنف بن سُليم يذكُره مالك بن كعب الأرحبيّ وهُو يقصّ على أمير المؤمنين # أمرَهم، قال مالك: «وَاسْتَصْرَخْنَا مِخنَف بن سُليم، فَبعثَ إلينَا رِجَالاً مِنْ شِيعَة أميرِ المًؤمِنين، وَوَلده، فِنعم الفَتى وَنِعم الأنصَار كَانُوا، فحَمَلنا عَلى عَدُوِّنا وشَدَدنا عليهم، فأنزل الله عَلينا نصْرَه، وهَزمَ عَدُوَّه، وأعزَّ جُندَه»(٢).
  وكانت وفاته سنة (٦٤ هـ) في معركة عين الزهرة التي قام بها الكوفيّون على بني أميّة بعد استشهاد الإمام الحُسين(٣) #.
  ومنه فإنّ آل مِخنف بن سُليم كان هواهُم أمير المُؤمنين #، وكذلك حالُهم من بعدِ جدّهم، شيعتُه #، وشيعَة ولدِه، وكان إخوته ممّن استشهد مع أمير المؤمنين #: الصّقعب بن سُليم، وعُبيد الله بن سُليم قُتلا يوم الجمل، وثالثٌ اسمه عبد شمس قُتل يوم النّخيلة(٤).
(١) وقعة صفين: ٨/ ٨.
(٢) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: ٢/ ٣٠٥.
(٣) تهذيب التهذيب: ١٠/ ٧٨.
(٤) تاريخ الطبري: ١١/ ٥٤٧.