الفصل الثاني: المخطوط، مؤلفه ومنهجيته:
  منزلته العلميّة:
  وإذا نظرنَا إلى منزلة أبي مِخنف العلميّة فنجدُ أنّه رجلٌ موسوعيّ العلمِ بالأخبَار، ولا أقلّ يُعلمُ ذلك من تعداد مؤلّفاته - وسنأتي عليها -، فيقول الجاحظ يُعدّدُ: «وَمِنهُم مِن الرُّواةِ وَالنّسَابِين والعُلماء: شرقي بن القطامِي الكَلْبي، ومحمّد بن السّائب الكَلبي، ..، وأبو مِخنف لُوط بن يحيى الأزديّ»(١)، ويذكرُه اليعقوبيّ ضمن الفُقهاء في عصر المهديّ العباسيّ، قال: «وَكان الفُقهاء في أيامه: محمد بن عَبد الرحمن بن أبي ذِئب، إبراهيم بن محمد بن أبي الحسن، ... ، يُونس بن أبي إسحَاق السبيعي، الحجَّاج بن أرطَأة النّخعي، سُفيان بن سعيد الثوري، شَريك بن عبد الله النخعي، يحيى بن سلمة بن كهيل، ... ، أبا مِخنف لُوط بن يحيى»(٢). وقال ابن سعد: «الَّذِي يُرْوَى عَنْهُ أَحَادِيثُ النَّاسِ وَأَيَّامُهُمْ»(٣)، وقال ابن قتيبة الدّينوري: «كَان صَاحِب أخْبَارٍ وأنسَاب، والأخبَارُ عليه أغْلب»(٤). وقال الطّبري: «وكان مِنْ وَلد مِخنَف بن سُليم: أبو مخنف لُوط بن يَحْيَى بن سَعِيد بن مِخنف بن سُليم الذي يُروى عَنه أيّامُ النّاس»(٥).
  وقد أكثَر عنه الطّبري في الروّاية، بل إنّ جُملة من أخبار أحداث الكوفة لا يرويها المُؤرّخون إلاّ عن طريقِ أبي مِخنف، قال ابن النّديم: «قَرأتُ بِخَطّ أحمد بن الحارث الخراز: قَالت العُلماء أبو مِخنف بِأمْرِ العِرَاق وأخبَارِهَا وَفُتوحِها يَزيدُ عَلى غيره. والمَدائني بِأمْرِ
(١) البيان والتبيين: ١/ ٢٩٠.
(٢) تاريخ اليعقوبي: ٢: ٤٠٣.
(٣) الطبقات الكبرى - متمم الصحابة -: ١/ ٧٨٧.
(٤) المعارف: ٥٣٧.
(٥) تاريخ الطبري: ١١/ ٥٤٧.