الفصل الثاني: المخطوط، مؤلفه ومنهجيته:
  بالكوفة، لا شيخ أصحابنا، أو حتّى شيخ أصحاب أخبارنا»(١)، فالرّجل محلّ وثاقةٍ بين الزيدية والإماميّة.
  ومادّة هذا الكِتاب حول الإمام زيد بن علي # مادّةٌ ذات ثقل في الوسط الإسلاميّ عُموما، وفي الوسط العلميّ الشيعيّ على وجه الخصوص. وفي شيعية أبي مِخنف يقول ابن عدي: «شيعيّ مُحترقٌ صاحبُ أخبارِهم»(٢)، وقال ابن كثير: «وَقَدْ كَانَ شِيعِيًّا، وَهُوَ ضَعِيفُ الْحَدِيثِ عِنْدَ الْأَئِمَّةِ، وَلَكِنَّهُ أَخْبَارِيٌّ حَافِظٌ، عِنْدَهُ مِنْ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ مَا لَيْسَ عِنْدَ غَيْرِهِ»(٣)، وعندنا أنّ سبباً رئيساً من أسباب تضعيف أبي مِخنف هُو روايته حقائق التّأريخ كما هي بما لا يُريدُ بعض أصحاب الحديث إظهارَه ويعدّونه من رواية المثَالب، وأيضاً لشيعيّة أبي مِخنف كما جرت العادَة لديهم في توهين رجال الشّيعة. ولا يصحّ ما ذكرَه ابن أبي الحديد من كون أبي مخنف ليسَ بشيعيّ وأنّه ممّن يرى الإمامَة بالاختيار(٤)، وقد مرّ معَك كون الرّجل شيعيّاً، وستقفُ في هذا الكِتاب مُناظرَتهُ للإماميّة.
  طبقتُه الزّمانيّة وروايَتُه:
  يتنازعُ المُحقّقون تاريخ مولد أبي مِخنف، فمنهُم من يراهُ معاصراً لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب #، وهذا قولٌ مُستبعدٌ، وكذلك من يراهُ معاصراً مُدركاً - إدراكَ رواية - للإمامين الحسن والحسين ª، والكلامُ متردّدٌ هل كانَ أبو مِخنف
(١) وقعة الطف: ٢٠.
(٢) لسان الميزان: ٦/ ٤٣٠.
(٣) البداية والنهاية: ٨/ ٢٢٠.
(٤) شرح نهج البلاغة: ١/ ١٤٧.