الكواكب الدرية في النصوص على إمامة خير البرية،

صلاح بن إبراهيم بن تاج الدين (المتوفى: 702 هـ)

[مقدمة المؤلف]

صفحة 324 - الجزء 1

  فلمّا بلغ ذلك إليّ اعتقدت وجوب الردّ عليه، وتصويب أسنّة الطعن والتشنيع إليه؛ لكون ذلك بدعة يجب إنكارها، ومقالة يقبح إظهارها، ولِما روي عن النبيّ ÷ أنّه قال: «من انتهر صاحب بدعة ملأ الله قلبه أمناً وإيماناً».

  وقصدت بذلك الخروج عن عهدة ما يجب من حقّ أمير المؤمنين #، والتعرّض لِما ورد في الأثر عن سيّد البشر وهو قوله ÷: «إنّ الله تعالى جعل لأخي عليّ فضائل لا تحصى كثرةً، فمن ذكر فضيلة من فضائله غفر الله له ما تقدّم من ذنبه، ومن كتب فضيلة من فضائله لم تزل الملائكة تستغفر له ما بقي لتلك الكتابة رسم، ومن استمع إلى فضيلة من فضائله غفر الله له الذنوب التي اكتسبها بالاستماع، ومن نظر إلى كتاب من فضائله غفر الله له الذنوب التي اكتسبها بالنظر» ..

  ثمّ قال: «النظر إلى عليّ بن أبي طالب عبادة، وذكره عبادة، ولا يقبل الله إيمان عبد إلاّ بولايته والبراءة من أعدائه».

  ولمّا كان أهل هذه البدعة ينتمون إلى العلم والزهادة، ويتحلّون في ظاهر أمرهم بالعبادة، فبُثَّت بدعتهم، وقُبِلَت شبهتهم، وكثر اغترار الجاهل بهم، وذلك مصداق ما قاله أمير المؤمنين، عليه سلام ربِّ العالمين: «قطع ظهري اثنان: عالم فاسق يصدّ الناس عن علمه بفسقه، وذو بدعة ناسك