المسألة الثامنة أن الله تعالى غني
  النّاس. وفي الشّرع: من مَلَكَ مَالاً تجب فيه الزكاة عند جميع أهل الشرع، أو من ملك زائداً على منزله وخادمه وثياب بدنه قدر نصِابٍ من المال وإن لّم تجب عليه فيه الزّكاة على ما ذكره بعض أهل البيت $. وأمّا في الاصطلاح: فهو ضربان: أعمُّ وأخصُّ، فالاصطلاحُ الأعمُّ وهو عرف أهل كل زمانٍ وأهل كل جهةٍ، ولا يكاد يُطلق الغنيُّ في الأمصار ونحوها إلّا لذي المال الكثير ولا حدّ للكثرة، لكن يُعتبر في ذلك ما وقع في اصطلاح أهل كل ناحية أنه غنيٌّ. والاصطلاحُ الأخصُّ: ما عليه المتكلمون وهو أنّ حقيقة الغني (هُوَ الْحَيُّ الَّذِي لَيْسَ بِمُحْتَاجٍ) فيحترز بالحيّ عن الجماد إذ الجماد لا يوصف بالغنى ولو كان غير محتاج، وقوله ليس بمحتاج: لأنه لو كان محتاجاً لم يكن غنيّاً إذ خاصة الغنى عدم الحاجة؛ وهذه الحقيقة لا مُحَقَّقَ لها إلا اللهُ تعالى إذ مَا مِنْ حَيّ إلّا وهو محتاجٌ غيرُ غنيّ مطلقاً. واعتقادُ أنّ الباري جلَّ وعلا غنيٌّ ممّا لم يُعلم فيه خلافٌ إلّا ما ورد في الكتاب العزيز عن بعض اليهود وهو قوله تعالى: {لَّقَدْ سَمِعَ اللَهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَآءُ}[آل عمران: ١٨١] ووصفوه تعالى بالبخل قال تعالى: