كتاب الإيضاح شرح المصباح الشهير (بشرح الثلاثين المسألة)،

أحمد بن يحيى حابس (المتوفى: 1061 هـ)

تنبيه

صفحة 212 - الجزء 1

  يكون تفضُّلاً، والعوضُ تفضُّلٌ لا يجبُ عليه تعالى. قلتُ: والعوضُ من المصلحة التي يعلمها تعالى، فإن كان إنزالُ الألم له أي: للعوض فهو يفعله قطعاً لَا أنّه واجبٌ عليه وعلى هذا فالاعتبارُ والعوضُ غيرُ معتبرينِ في إنزال الآلام؛ خلافاً لِمَا في الكتاب وهو الذي اعتمده المهدي وجمهور البصرية. وإن كان الثّاني فلا يخلو إمّا أن يكون الذي نزل به الألمُ مؤمناً أو غيرَ مؤْمنٍ إن كان مُؤمناً حسُن إيلامُهُ لإعتبار نفسه فقط إذ هو نفعٌ كالتّأديب، ولتحصيل سبب الثّواب فقط وهو الصَّبْرُ عليه والرّضى بِهِ، لأنّ ذلك عملٌ لا حصر للثواب عليه كما قال تعالى: {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيرِ حِسَابٍ}⁣[الزمر: ١٠] ولِحَطِّ الصغائر وفاقاً للزمخشري إذ هو دفعُ ضررٍ كالفصد، وفي الحديث عنه ÷: «مَنْ وُعِكَ لَيْلَةً كَفَّرَ اللهُ عَنْهُ ذُنُوبَ سَنَةٍ» هذا لفظُ الحديث أو معناهُ، وفي نهج البلاغة لأمير المؤمنين # (الآلامُ تَحُطُّ الأَوْزَارَ وَتَحُتُّهَا كَمَا تُحَتُّ أوْرَاقُ الشَّجَرِ) أو كما قال، وكقوله #: (جَعَلَ اللهُ مَا تَجِدُ مَنْ شَكْواكَ حَطّاً لِسَيِّئَاتِكَ) أو كما قال. والأدلّة السّمعية في ذلك متواترةٌ معنىً، ولمصلحةٍ له يعلمُها الله تعالى كما مرّ في إيلام غير المكلّف، ولمجموعها لجميع ما مرّ من الأدلّة. ويمكن أن يكون إيلامُ مَنْ قد كفّر الله عنه جميع سيّئاته كالأنبياءِ $ تعريضاً للصّبر والرّضى إذ هو