كتاب الإيضاح شرح المصباح الشهير (بشرح الثلاثين المسألة)،

أحمد بن يحيى حابس (المتوفى: 1061 هـ)

المسألة السادسة والعشرون في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

صفحة 296 - الجزء 1

  الْمُقْسِطِينَ}⁣[الحجرات: ٠٩] فهذه الآية دلت على عموم وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالقول ثمّ بالسيف: وهو المراد بالمقاتلة (وَ) ممّا يدلُّ على وجوبهما من السُّنة قَوْلُهُ ÷: «لَتَأْمُرُنَّ بِالْمَعْرِوفِ وَلَتَنْهَوُنَّ عَنِ الْمُنْكَرِ أَوْ لَيُسَلِطنَّ اللهُ عَلَيْكُم سُلْطَاناً جَائِراً لَا يَرْحَمُ صَغِيرَكُمْ وَلَا يُوقِّرُ كَبِيرَكُمْ فَيَدْعُوا خِيَارُكُمْ فَلَا يُسْتَجَابُ لَهُمْ».

  قال في الخلاصة: وممّا يدل على وجوبهما قوله ÷: «وَأْمُرُوا بِالْمَعْرُوفِ تُخْصَبُوا وَانْهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ تُنْصَرُوا» قال الدواريُّ: قوله ÷: «وأمروا بالمعروف تخصبوا» لا دلالة فيه على الوجوب لأنّ طلب النفع لا يجب فكذلك ما يُؤَدِّي إليه. وقوله: «وانهوا عن المنكر تنصروا» يدلُّ على الوجوب لأنّ الانتصار إمَّا جهادٌ وإمَّا دفعُ ضررٍ وكُلُّهُ واجبٌ، وما أدَّى إليه فهو واجبٌ؛ وممّا يدل على ذلك قوله ÷: «والذي نفسي بيده ليخرجن أقوام من أُمتي من قبورهم على صورة القردة والخنازير بما داهنوا أهل المعاصي وكفُّوا عن نهيهم وهم يستطيعون» وقوله ÷: «ما من رجل بين ظهراني قوم يعمل بين ظهرانيهم المعاصي ولا يأخذون على يده إلّا أُوشك أَن يعمهم الله منه بعقاب» وروي عن موسى # أنّه سأل الله: عن أحبِّ خلقه إليه؟ قال: (أَسرعهم إِلى رضائي كسرعة النسر إلى وكره، والذي يغضب عند محارمي كغضب النمر لنفسه) فإنه متى غضب لنفسه لم يبال بالناس قَلُّوا أمْ كَثُرُوا. وقال ÷: