كتاب الإيضاح شرح المصباح الشهير (بشرح الثلاثين المسألة)،

أحمد بن يحيى حابس (المتوفى: 1061 هـ)

خاتمة في الفرقة الناجية

صفحة 371 - الجزء 1

  سلف. وليس أحدٌ من العلماءِ المخالفين إلَّا وفي كتبهم من البدع ما لا يوجد للأئمة مثله، فلا معنى لتخصيص المعتزلة بما خالفوا الأئمة به لأجل تسميتهم له علماً وأمّا إيهامهم أَنهم لم يتَّبعوهم في ذلك إلَّا من طريق النظر والإستدلال لا من طريق التقليد فخلاف ذلك ظاهر؛ لأنّهم إن زعموا أنّهم نظروا واستدلوا على صحة علوم المعتزلة قبل تعلمهم فيها فذلك محالٌ إذ لا طريق لهم إلى ذلك إلَّا إخبار الغير لهم عنه، وإن زعموا أنهم نظروا في صحتها واستدلوا بعد تعلُّمهم فيها فقد قلَّدوا من علّمهم في بُدْءِ أمرهم وفي حال اتِّباعهم له حتى أدخلهم في مذهبه وأمّا إيهامهم أنّهم لو اكتفوا بعلوم الأئمة للزمهم التقليد والتفريط فغلاطُهُم في ذلك بَيِّنٌ لأنّ الأئمة $ لا يُعلِّمون من اتّبعهم إلَّا في معقول: بيِّنةٌ أدلّته أو مسموع منصوص عليه، أو فيما يجب ردُّه إليهم، كما يجب رده إِلى الرسول؛ لأنّ الله سبحانه قد أخبر أنّهم لو رَدُّوهُ إِليهم لعلموه وذلك يعم كل مُخْتَلَفٍ فيه معقولاً كان أو مسموعاً لأنّ الله سبحانه أدخل حرف (مِنْ) الذي هو للتبعيض على إسم شيءٍ الذي هو أعمُّ النكرات في قوله تعالى: {وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِن شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللهِ}⁣[الشورى: ١٠] فوجب أن يستغرق لكونه عموماً لا مخصّص له، وحكم الله سبحانه في كل مختلف فيه أن يُردَّ إِلى الكتاب، أو السُّنة