كتاب الإيضاح شرح المصباح الشهير (بشرح الثلاثين المسألة)،

أحمد بن يحيى حابس (المتوفى: 1061 هـ)

خاتمة في الفرقة الناجية

صفحة 372 - الجزء 1

  إنْ عدم في الكتاب وإلى أُولِي الأمر إِن عدم في السُّنة. وأمّا إِعتذارُهُم للأئمة في التقصير عن بلوغ درجة المعتزلة في علوم الدين بأنّهم قنعوا بالجمل واشتغلوا بالجهاد فذلك قولُ من لا يعرف الجمل ولا شروط الجهاد لأنّ تلك الجمل التي زعموا أَنهم قنعوا بها هي منتهى ما يُعقل ويجبُ، ولا منفذ بعدها لعقل مكلّفٍ من البشر إِلَّا إلى الْغُلُوِّ والإفراط والخرص، والتّوهم المنهي عن تكلّفه والخوض فيه. ولأنّ الجهاد للنفس عن التقصير مقدّم على الجهاد للغير. والجهاد بالسيف فرعٌ على الجهاد بالعلم؛ لأنّ من شرط الإمام الذي يجب عليه الجهاد أَنْ يكون سابقاً والسابق لا يوصف بأنّه قانع في علوم الدين بالجمل لكون القانع بالجمل مسبوقاً؛ ومع ذلك فإنّ أكثر الأئمة $ لم يكن لهم شُغل إلَّا الجهاد بالعلم، دون الجهاد بالسيف لقلة الأَتباع، وخذلان الأَشياع.

  وأمّا قولهم: إنّ المعتزلة شيوخ لكثير من الأئمة في العلم فإنْ أَرادوا بذلك الإيهام بأنّ الأئمة محتاجون إِلى المعتزلة في علوم الدين فذلك خلاف ما اقتضته أدلّةُ الكتاب والسُّنة وانعقد عليه إِجماع العترة، وإِن أَرادوا أنّ من الأئمة من قرأَ في علوم المعتزلة على شيوخهم فليس لهم في ذلك حجة لأنّه يجوز أن يقرأَ في كل فَنّ من سائر العلوم على شيوخ أَهله إِذا كان فيه صلاحٌ. وإِن أَرادوا أنّ من العترة من اعتزل فلو صح ذلك لم يكن لهم فيه حجة لأنّ اللهَ سبحانه قد أخبر أنّ من العترة من هو ظالم لنفسه.

  وأمّا قولُ من قال منهم: إِن لفظة الإِعتزال ما وردت في الكتاب والسنة إِلَّا