خاتمة في الفرقة الناجية
  صفة مدح فذلك دليل على أَنّهم لم يحيطوا بعلم ألفاظ القرآن فضلاً عن معانيه لأنَّ اللهَ سبحانه قد وصف الكفار بالإعتزال في قوله تعالى: {وَإِن لَمْ تُؤْمِنُوا لِي فَاعْتَزِلُونِ}[الدخان: ٢١] ونحو ذلك ممّا يدل أنّه لا مدح في لقب الاعتزال لمن اعتزل الحقّ وأَهله، واكتفى في الدين بنفسه واعتمد فيه على رأيه.
  وأمَّا قولهم: إِن خطأَ المعتزلة في الإمامة صغير بالنظر إِلى ما وضعوا في العدل والتوحيد فذلك مبنيٌّ على القول بالموازنة دون الإِحباط وقد قدّمنا في إبطاله ما فيه كفاية. وحكى صاحب المسفر عن الناصر للحق الحسن بن علي # جوابه عن تعمُّقات الفلاسفة ثم قال: وخص بالإنكار المعتزلة لأنّهم خائضون فيما دَقَّ عليهم، ولم يُكَلَّفُوهُ وهم معروفون به فقال # في كتاب الكفر والإِيمان: ثم انصدعت من هذه المِلَّة طائفةٌ تحلَّت باسم الاعتزال أَستهواها واصل بن عطاء، وعمرو بن عبيد إِلى قوله ولأنّ غرضه # ترك الخوض فيما دَقَّ، والقول على الله ما لا يُعلم، وقد قال تعالى: {وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ}[النحل: ٠٨] إلى قوله: وتكلَّموا من دقيق الكلام بما لم يُكلَّفوا وبما لعلّ حواسَّهم خُلقت مقصّرةً عن إِدراك حقيقتها، وعاجزةً عن قصد السبيل فيها. وقالت المجبرة: بل هي النّاجية لقوله صلى الله علي وآله وسلم: «عليكم بالسواد الأعظم» ويقولون هم المتمسكون بالسُّنة والجماعة ويُلقِّبون نفوسهم بالسُّنِّيَّة.
  والجواب: أنّ المراد بالأعظم في الخبر: الأعظم عند الله؛ وليس كذلك إلَّا