كتاب الإيضاح شرح المصباح الشهير (بشرح الثلاثين المسألة)،

أحمد بن يحيى حابس (المتوفى: 1061 هـ)

خاتمة في الفرقة الناجية

صفحة 374 - الجزء 1

  الذين حكم الله بنجاتهم، وأبَانَ أَنّهم على الحق، وأوجب التمسُّك بهم كالتمسك بالكتاب، وهذه صفات عِترة رسول الله ÷ لا غيرهم، كما بيَّناهُ بالأدلّة القطعيّة.

  وأمّا قولهم: إِنهم أهل السُّنة والجماعة فهم لم يعرفوا معنى هذينِ اللفظينِ؛ فإن معنى السُّنة والمراد بها سُنّةَ رسول الله ÷، والمرادُ بالجماعة ما كان عليه أَهلُ الحقّ في زمنه ÷. ولم يوجد في المجبرة التَّحلِّي بصفات سُنّة الرسول، وأهل الحق؛ وإنّما تحلَّى بذلك أهل البيت $، ومن وافقهم. بيانُ ذلك: أَنّهم يَدِينُونَ بأنَّ الله عدلٌ حكيمٌ وعلى ذلك إِنعقد إِجماع الصحابة، وإجماع الأُمّة، وأهلُ البيت [$] ثابتون على ذلك؛ بخلافهم، وذلك لأنّ عندنا أنّه تعالى لا يخلقُ القبائحَ، ولا يقضي بها. وهم يقولون بأنَّ كل ما وُجِدَ في الدُّنيا: من ظلمٍ، وعدوانٍ، وزورٍ، وبهتانٍ، وسفهٍ، وعبثٍ، وجَوْرٍ، وأَمْرٍ بباطلٍ، ونهيٍ عن واجبٍ وحسنٍ، وتخريب المساجد، وقتل الأَنبياءِ، والأوصياءِ، والأئمة، والأولياءِ، والأطفال؛ فإنَّ ذلك كله من الله ø لا شريك له في صنعه؛ وأنّه الذي تفرد بإبتداعه وإِنشائِهِ واخْتِرَاعِهِ وأنّه يرضى بذلك كله، ويحبه، ويشاؤُه؛ ومعلوم أنّ من فعل ذلك لا يكون حكيماً ولا عدلاً، فإذا كُنّا ننفي عن الله تعالى هذه القبائح كنّا على السُّنة والجماعة، وإذا كانوا يضيفونها إِلى الله تعالى لم يكونوا كذلك لأنّا قد علمنا أنّ من السُّنة تنزيه الله تعالى عن القبائح وتقديسه عن الفضائح؛ فأين هم من السُّنة والجماعة؟ فصحّ أَنهم للسُّنة مفارقون، وعن الجماعة نازحون.

  وقد رُوينا عن أمير المؤمنين # أنّ ابن الكوى لمَّا سأله عن السُّنة والجماعة، والفرقة