كتاب الإيضاح شرح المصباح الشهير (بشرح الثلاثين المسألة)،

أحمد بن يحيى حابس (المتوفى: 1061 هـ)

المسألة السادسة أن الله تعالى قديم

صفحة 115 - الجزء 1

  صفات الذات، فيلزم كونها آلهة كما أنه إلهٌ، وكون كل واحدٍ منها قدرةً علماً حياةً فيستغني بأحدها عن باقيها إذ قد صار كل واحدٍ منها مِثْلاً لجميعها سادّاً مسدّه فيوجب للقديم تعالى من الصفات مثل جميع ما يوجب كل واحدٍ منها ولأنّ علمه واجبٌ فيستغني عن موجب كقدمه كما تقدم. وقال هشام بن الحكم: إن الله تعالى عالمٌ بعلمٍ مُحدثٍ، يُحْدِثُهُ لنفسه فيوجب له الصِّفة، وإليه ذهب قوم من الروافض ولم يشتهر عنه قول في باقي الصفات، وحكي عنه حكاية مغمورة في باقي الصفات أنه يستحقّها لمعانٍ محدثةٍ. وحكي عن جهم بن صفوان وأتباعه، القول بمقالة هشام بن الحكم أنه تعالى عالمٌ بعلمٍ محدثٍ. قلنا: العلمُ كالفعل المُحكم لا يُوجِدُهُ إلاّ عالمٌ بوجوهه، فإذا كان العلمُ لا يوجد إلّا بعد علمٍ آخر تكلمنا في ذلك العلم الآخر فقلنا: هو ثابتٌ في الأزل أو محدثٌ فإن كان محدثاً كان مسبُوقاً بعلمٍ آخر، وهَلُمَّ جَرّاً، فإما أن تنتهي العلوم إلى علمٍ يكون مسبوقاً بالعلم الأول الذي كان الكلام فيه أوَّلاً فيدورُ حينئذٍ إذ لا يحصل هذا العلم الأول إلّا بعد هذه العلوم، ولا تحصل هذه العلوم إلّا بعده لحاجة كل منهما إلى الآخر والدور محالٌ لأنه يلزم منه توقُّف الشيءِ على نفسه، وسبْقُهُ في الوجود على نفسه وكلاهما محالٌ. وإما أن تذهب العلوم إلى غير النهاية فيتسلسل، والتسلسل محالٌ وما أدَّى إلى المحال فهو محال. قالت الأُموريّةُ: وإذا بطلت هذه الأقوال كلها تقرّر ما ذهبنا إليه من القول بأنه تعالى يستحق صفاته لذاته، وتعين القولُ بأنّ صفاته تعالى أمورٌ زائدةٌ على ذاته، لا هي اللهُ، ولا هي غيرُهُ، ولا هي شيءٌ ولا لا شيءَ، وهكذا يقول في الصفة الأخص من قال بها. قال السيد حميدان: اصطلحوا