[أقسام الإيمان]
  فالإيمان الحق الممدوح وأهله النافع فهو إيمان الإنسان نفسه من سخط الله، ومما أوعد من عصاه من عذابه وأليم عقابه، تَوَقِّيْه ما نهاه عنه واجتنابه، وفعله ما أمره الله ورسوله به واكتسابه، ويدخل في ذلك الإقرار والتصديق بالقلب واللسان، جميع أعمال الجوارح والأركان، فمن أطاع الله ورسوله ولم يخالفهما فهو من المؤمنين حقا ومن المتقين؛ لأن من اتقى مولاه لم يفعل ما يسخطه ويخالفه متعمدا، وهو يعلم أنه يراه ولا يخفى عليه عمله، وهذا فيما يصح في العقول والأسماع يكون مستخفا بمولاه قليل المبالاة بوعيده إياه، الذي لا يبلغه وعيد الأليم الشديد، مع إعلامه أنه لا يخلف وعيده ولا يبدل قوله، وإنه الصادق العدل في حكمه، الموفي بوعده ووعيده وصدقه في وعده لا خلاف فيه.
  ويقول سبحانه في صدقه في وعيده: {قالَ قَرينُهُ رَبَّنا ما أَطغَيتُهُ وَلكِن كانَ في ضَلالٍ بَعيدٍ ٢٧ قالَ لا تَختَصِموا لَدَيَّ وَقَد قَدَّمتُ إِلَيكُم بِالوَعيدِ ٢٨ ما يُبَدَّلُ القَولُ لَدَيَّ وَما أَنا بِظَلّامٍ لِلعَبيدِ ٢٩}[ق: ٢٧ - ٢٩] ويقول جل ذكره: {وَاخشَوا يَومًا لا يَجزي والِدٌ عَن وَلَدِهِ وَلا مَولودٌ هُوَ جازٍ عَن والِدِهِ شَيئًا إِنَّ وَعدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الحَياةُ الدُّنيا وَلا يَغُرَّنَّكُم بِاللَّهِ الغَرورُ}[لقمان: ٣٣] ويقول ø: {وَيَستَعجِلونَكَ بِالعَذابِ وَلَن يُخلِفَ اللَّهُ وَعدَهُ وَإِنَّ يَومًا عِندَ رَبِّكَ كَأَلفِ سَنَةٍ مِمّا تَعُدّونَ}[الحج: ٤٧] في أشباه لذلك، يُعْلِم الله سبحانه أنه لا يخلف وعيده، والله المستعان.
  ومعنى قوله تقدس ذكره: {وَلَن يُخلِفَ اللَّهُ وَعدَهُ}[الحج: ٤٧] أي: لن يخلف الله وعيده لأنهم استعجلوه بالعذاب الذي هو وعيده، والعرب تقول: وعدته الشر وأوعدته: بمعنى واحد، ولا تقول في الخير إلا وعدته فقط، ويحقق ذلك قول الله ø ذكره: {قُل أَفَأُنَبِّئُكُم بِشَرٍّ مِن ذلِكُمُ النّارُ وَعَدَهَا اللَّهُ الَّذينَ كَفَروا وَبِئسَ