1 - مسأله للمجبرة وجوابها والبيان عنها
  أفلا ترى أنه سبحانه إنما أضلهم بعد فسقهم، وبعد كفرهم، وبعد ظلمهم فحكم عليهم بالضلال، وقال جل ذكره: {وَما كانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَومًا بَعدَ إِذ هَداهُم حَتّى يُبَيِّنَ لَهُم ما يَتَّقونَ}[التوبة: ١١٥] فأخبر أنه لا يبتدي عباده بالحكم عليهم بالضلال، حتى يبتدئهم بالهدى، ويعرفهم سبيل التقوى، فإذا لم يجتهدوا ويتقوا أضلهم على علم منه؛ لما كان من عصيانهم وضلالهم، كما وصف بقوله: {أَفَرَأَيتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلى عِلمٍ}[الجاثية: ٢٣].
  وقد قال بعض أهل النظر: بأن ترك الله عباده العصاة له من لطفه وتوفيقه وتخليتهم من يديه - ويداه فهما نعمتاه في الدنيا والآخرة - وخذلانه اياهم عقوبة لهم على معاصيهم إياه واستخفافهم بحقه وجرأتهم عليه، حتى يزدادوا اثما، «إذ» جائز في اللغة أن يقال: قد أضلهم حين تركهم في طغيانهم يعمهون، ولو لم يمنعهم من ذلك اجبارا لهم، فقد تقول العرب لمن ترك عبده ولايحجر عليه ولايأخذ على يديه حتى يضل وإن لم يكن الولي اراد أن يضل، ولاأحب ذلك من عبده: أنت أضللت عبدك بتركك إياه، وتخليتك له، وهذا بين في اللغة ووجه يحتمل التأويل.
[حوار مع المجبرة]
١ - مسأله للمجبرة وجوابها والبيان عنها
  كثيرا ماتسآءل المجبرة عن قول الله جل ذكره: {فَمَن يُرِدِ اللَّهُ أَن يَهدِيَهُ يَشرَح صَدرَهُ لِلإِسلامِ وَمَن يُرِد أَن يُضِلَّهُ يَجعَل صَدرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّما يَصَّعَّدُ فِي السَّماءِ} إلى قوله: {عَلَى الَّذينَ لا يُؤمِنونَ}[الأنعام: ١٢٥] فقد فسرنا معنى {فَمَن يُرِدِ اللَّهُ أَن