البساط،

الناصر الحسن بن علي الأطروش (المتوفى: 304 هـ)

2 - مسألة وجوابها

صفحة 135 - الجزء 1

  فهذا الجعل من الله جعل حكم لاجعل خلق وفطرة، وكذلك يقول الناس: قد جعلت فلانا وكيلي، وجعلته وصيي، والله خلقه وهذا حكم له بالوصية والوكالة، وهذا والحمد لله واضح.

  ومثل هذا الجعل قول الله سبحانه: {وَكَذلِكَ جَعَلنا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَياطينَ الإِنسِ وَالجِنِّ يوحي بَعضُهُم إِلى بَعضٍ زُخرُفَ القَولِ غُرورًا وَلَو شاءَ رَبُّكَ ما فَعَلوهُ فَذَرهُم وَما يَفتَرونَ}⁣[الأنعام: ١١٢] وهذه الآية مما دخل على المجبرة المشبهة فيها لقلة علمهم، وتأويل هذا الجعل الحكم من الله أيضا، وذلك أنه سبحانه لما حكم على أنبيائه بأن يعادوا من عصاه ويبرأوا منهم ففعلوا ذلك فعادوا العصاة لله في الآباء والأبناء والأقربين فلما عادوهم عاداهم أيضا العصاة، وكان هؤلاء أعداء لهؤلاء، وهؤلاء اعداء لهؤلاء، فحكم الله عليهم بذلك فقال جل ذكره: {شَياطينَ الإِنسِ وَالجِنِّ}⁣[الأنعام: ١١٢] أعداء لكل الأنبياء، حين حكم على الأنبياء $ بعداوتهم والبراءة منهم، وكان في عداوة الانبياء $ لهم إيجاب عادوتهم للأنبياء وهذا بين والحمد لله.

٢ - مسألة وجوابها

  وكثيرا ماتسأل المجبرة عن قول الله ø: {وَنُقَلِّبُ أَفئِدَتَهُم وَأَبصارَهُم كَما لَم يُؤمِنوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَنَذَرُهُم في طُغيانِهِم يَعمَهونَ}⁣[الأنعام: ١١٠] فهذا شبيه بما تقدم تفسيرنا إياه أنه إنما فعل ذلك عقوبة لهم لما لم يؤمنوا به أول مرة.

  وتأويل ذلك: أنهم لما عصوا بارئهم ومولاهم، فيما هداهم له ودلهم عليه تركهم من يديه، وللعرب إذا دعى بعضهم على بعض قال: تركك الله من يديه، معنى ذلك: من نعمته في الدنيا والآخرة، فإذا تركهم من لطائفه وتوفيقه، وخلاهم في