[أقسام الإيمان]
  مُصَدِّقًا لِما بَينَ يَدَيهِ مِنَ الكِتابِ وَمُهَيمِنًا عَلَيهِ}[المائدة: ٤٨] أي: وشهيدا عليه، فهذا هو الإيمان الحق الذي وصفه العليم الحكيم ومدح أهله فقال: {يَسأَلونَكَ عَنِ الأَنفالِ قُلِ الأَنفالُ لِلَّهِ وَالرَّسولِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصلِحوا ذاتَ بَينِكُم وَأَطيعُوا اللَّهَ وَرَسولَهُ إِن كُنتُم مُؤمِنينَ}[الأنفال: ١] معنى ذلك وإلا فلستم مؤمنين لأنفسكم من عذاب الله، ثم فَسَّرَ مَن المؤمنين لأنفسهم من عذابه؟ فقال: {إِنَّمَا المُؤمِنونَ الَّذينَ إِذا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَت قُلوبُهُم وَإِذا تُلِيَت عَلَيهِم آياتُهُ زادَتهُم إيمانًا وَعَلى رَبِّهِم يَتَوَكَّلونَ ٢ الَّذينَ يُقيمونَ الصَّلاةَ وَمِمّا رَزَقناهُم يُنفِقونَ ٣ أُولئِكَ هُمُ المُؤمِنونَ حَقًّا لَهُم دَرَجاتٌ عِندَ رَبِّهِم وَمَغفِرَةٌ وَرِزقٌ كَريمٌ ٤}[الأنفال: ٢ - ٤] فدل جل ذكره على أن في عباده مؤمنين بالإقرار، إيمانهم باطل لا ينفعهم، وهم الذين قرنوا به معصيته فأحبطوه، ولم يبق جل ذكره شيئا مما يؤمن به العبد نفسه من سخطه وعذابه، مما أمره به وفرضه ونهى عنه وواعد عليه، إلا وقد ذكره مجملا بقوله: {وَأَطيعُوا اللَّهَ وَرَسولَهُ إِن كُنتُم مُؤمِنينَ}[الأنفال: ١] وذكر بعضه مفصلا والإيمان الحق هو مع الإقرار: فعل ما يؤمن به الإنسان نفسه من سخط مولاه ووعيده، ويدخل فيه الإيمان الذي هو الإقرار والتصديق بالقلب واللسان وجميع الطاعات لله والحمد لله.
[أقسام الإيمان]
  والإقرار والتصديق: في لغة العرب بالقلب واللسان إيمان آخر، تقول العرب: آمن فلان بالأمر، معنى ذلك أقر وصدَّق به. فهذا الإيمان الذي هو الإقرار والتصديق بالقلب واللسان فقد يكون مرة ضارا ومرة نافعا، ومرة لا ضارا ولا نافعا، ومرة نافعا في الدنيا وغير نافع في الآخرة، ذلك معروف في اللغة.