باب في وصف الهداية من الله ومن عباده
باب في وصف الهداية من الله ومن عباده
  
  الحمد لله على ماأبلى وأولى، وختم به وابتدأ، وأوضحه وبينه لنا فيما أضل به وهدى، فكان من بالغ حكمته، وظاهر تدبيره ونعمته، أن هدى عباده في الإبتداء، وحكم لهم بوعدهم إياهم أن يزيد من اهتدى بهداه هدى إلى هدى.
[معاني الهدى]
  فالهدى منه سبحانه له وجوه ومعاني بينة واضحة موصوفة في لغة القرآن وعند أهل الفصاحة والبيان، التي ضل وهلك من جهلها من الناس، لأنهم تأولوها بلكنتهم وخرجوها على قدر قلة حكمتهم، فضلوا وأضلوا كثيرا منهم.
  فأحد وجوه هداية الله سبحانه لعباده: ماابتدأهم به من الدلالة على ماأمر به ونهى، وعلى مايسخط به ويرضى والتبيين لهم مافيه سعادتهم أوشقوتهم مما أنزل به الكتاب المبين، وجاء به الرسول الأمين صلى الله عليه وآله أجمعين، ودل جل ذكره على أن هذه الهداية التي ابتدأ بها عباده دلالته وتبيينه لهم مراده قوله تعالى: {لَم يَكُنِ الَّذينَ كَفَروا مِن أَهلِ الكِتابِ وَالمُشرِكينَ} إلى قوله: {إِلّا مِن بَعدِ ما جاءَتهُمُ البَيِّنَةُ}[البينة: ١ - ٤] وقوله تعالى ذكره: {قَد جاءَكُم مِنَ اللَّهِ نورٌ وَكِتابٌ مُبينٌ ١٥ يَهدي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضوانَهُ سُبُلَ السَّلامِ وَيُخرِجُهُم مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النّورِ