العقيدة الأصولية ويليه النظم البديع في الرد على أهل التشبيه والتبديع،

صلاح بن أحمد فليته (المتوفى: 1429 هـ)

المجازاة

صفحة 42 - الجزء 1

  أما العقل فإن الإنسان العالم والجاهل له شعور خفي شبه الإلهام بأن وراء هذه الدنيا حياة أخرى تحقق فيها المساواة التي فقدت في الدنيا وينال فيها الإنسان جزاء عمله حتى أن الله لو أنعم على الإنسان ما انعم من المواهب العظيمة ثم تركه بعد ذلك سدىً لكان من العمل الخالي عن الحكمة البعيدة عن العقل إذ هو معرض في هذه الدار لكل مصيبة ومحنة.

  ومع أن الله سبحانه وتعالى خلق الخلق بحكمته ومكنهم وخلى بينهم ورفع الموانع حتى تمكن الإنسان من ظلم غيره مع أن الله مع ذلك نهاهم عن التظالم وفرض المجازاة وأباح لنا الانتفاع بكثير من المنافع من ذلك الحيوانات منها ما يذبح ومنها ما تحمل ومنها ما يعمل إلى غير ذلك من الفوائد العظيمة وضمن لها العوض وجعل بين المخلوقين من الجنس البشري وغيره فرقاً شتى متفاوتة في أكثر الأشياء فمنهم الفقير والغني والصحيح والسقيم والمعافى والعليل وناقص الخلقة وكاملها وتسخير بعضهم لبعض كما قال الله تعالى: {نَحنُ قَسَمنا بَينَهُم مَعيشَتَهُم فِي الحَياةِ الدُّنيا وَرَفَعنا بَعضَهُم فَوقَ بَعضٍ دَرَجات