المجازاة
  لِيَتَّخِذَ بَعضُهُم بَعضًا سُخرِيًّا وَرَحمَتُ رَبِّكَ خَيرٌ مِمّا يَجمَعونَ}[الزخرف: ٣٢] وقد شهدنا الكثير يموتون أو يقتلون وهم على ماهم عليه لم يقع تناصف ولا مساواة في هذا الدار ومن الإنعام ما يذبح ويظلم ومايموت من الأمراض والأعراض ولم ينالوا من العوض شيئاً وقد تحقق عدل الله وحكمته وفضله فلذا يقطع العقل بأنه لا بد من المجازاة والتناصف.
  وأما النقل فقوله تعالى: {وَما مِن دابَّةٍ فِي الأَرضِ وَلا طائِرٍ يَطيرُ بِجَناحَيهِ إِلّا أُمَمٌ أَمثالُكُم ما فَرَّطنا فِي الكِتابِ مِن شَيءٍ ثُمَّ إِلى رَبِّهِم يُحشَرونَ}[الأنعام: ٣٨] وقوله تعالى: {وَنُفِخَ فِي الصّورِ فَصَعِقَ مَن فِي السَّماواتِ وَمَن فِي الأَرضِ إِلّا مَن شاءَ اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فيهِ أُخرى فَإِذا هُم قِيامٌ يَنظُرونَ ٦٨ وَأَشرَقَتِ الأَرضُ بِنورِ رَبِّها}[الزمر: ٦٨ - ٦٩] الآية وغيرها من الآيات ولما ذكر فإن العقل يقطع بأنه لا بد من المجازاة والتناصف والمساواة لما تحقق من حكمة الله وعدله.
  وقال تعالى: {وَيَومَ نُسَيِّرُ الجِبالَ وَتَرَى الأَرضَ بارِزَةً وَحَشَرناهُم فَلَم نُغادِر مِنهُم أَحَدًا ٤٧ وَعُرِضوا عَلى رَبِّكَ صَفًّا لَقَد جِئتُمونا كَما خَلَقناكُم أَوَّلَ مَرَّةٍ بَل زَعَمتُم أَلَّن نَجعَلَ لَكُم مَوعِدًا ٤٨ وَوُضِعَ الكِتابُ فَتَرَى المُجرِمينَ مُشفِقينَ مِمّا فيه