باب الرد على من قال إن الله بصير بعين كأعين العباد
باب الرد على من قال إن الله بصير بعين كأعين العباد
  يقال له: معنى بصير يخرج على معنيين بينين عند أهل العلم نيرين.
  فأما أحدهما: فهو العالم بالأشياء طراً، من ذلك قول العرب فلان بصير بالفقه والنحو والحساب، بصير بالشعر والكلام في كل الأسباب، يريد أنه عالم وفي كل أمر قائم، فعلى ذلك يخرج قول الرحمن حين يقول: {إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ ٤٤}[غافر: ٤٤] يريد عالم محيط بكل أمرهم، مطلع على خفي سرّهم.
  والمعنى الآخر: فهو النظر بالعين، والنظر والله من ذلك بريء، وعنه متعال عليّ، إذ ذلك ومن كان كذلك مشابه للمخلوقين، وقد نفى ذلك عن نفسه رب العالمين حين يقول سبحانه: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ١١}[الشورى: ١١].
  ولو كان كما يقول من كفر بالله وجحد بآياته، لكان مشبهاً لكل ما يراه ويحيط به من البصر بالأعين من المربوبين، ولو كان كما يقولون لبطل قوله: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ}[الشورى: ١١] ولو بطل من الكتاب شيء يسير، لبطل منه الجليل الكبير، ولو بطل بعضه لأشبه الباطل كله، بل هو يؤكد بعضه بعضاً، فلن يبطل منه حرف أبداً، وكيف يبطل أو