(2) إبراهيم بن أبي يحيى المدني
  بعد ماأسلفناه من تشيع إبراهيم وعدليته. نشير إلى أن ذلك كان يعد في أغلب الأحوال ذنب يسوغ به المخالفون لأنفسهم الطعن في عدالة مثله طعناً مطلقاً دون التفات إلى منزلته في الدين والخلق، ومبلغه من العلم والفهم، ومكانته في الضبط والحفظ. ومن هنا أصيب إبراهيم بأمثال هذه القوارص:
  قال ابن معين، وأبو داوود: رافضي كذاب (!)
  وقال البخاري: قدري جهمي (!) كل بلاء فيه ... ترك الناس حديثه (؟!)
  وقال الذهبي معقباً: لا يرتاب في ضعفه ... وإنما بقي هل يترك أم لا؟
  وهكذا الذهبي لا يرتاب منصف في حيفه وهو يترجم لرجال الشيعة. إلا أنه هنا يبدو أقل تحاملا من غيره، وربما كان في ذلك إشارة إلى علو منزلة إبراهيم بن أبي يحيى وجلالة شأنه. ومما لا شك فيه أن إقتصار الذهبي على التضعيف الذي لم يبلغ لديه حد الحكم على الراوي بالترك، يعني أن كلمة «كذاب» قد تستخدم للدلالة على غير ما تعنيه، وأن مقولة: «ترك الناس حديثه» هي عنده كما هي في الواقع مقولة طائشة لا تجد معناها إلا في بعض الناس.
  خلاصة الأمر أنهم أجمعوا على تجريح ابن أبي يحيى إلا الشافي الذي أخذ عنه الكثير من الأحاديث يدلنا على جانب منها أنه حين سئل عن الإمام الصادق أجاب بما معناه: «هو الثقة. كيف وقد أخذنا عن إبراهيم بن أبي يحيى أربعمائة حديث عن جعفر الصادق».
  ومن الطريف أن الشافعي لم يعدم من الجارحين من يقول أنه: «ليس بثقة» أو من يحاول تمثيله في صورة التلميذ القاصر الذي لا يميز في