الرسالة المناصفة للمتكلمين والفلاسفة،

جعفر بن أحمد بن عبد السلام (المتوفى: 573 هـ)

[الطريقة الأولى: إقامة البرهان ابتداء]:

صفحة 528 - الجزء 1

  الأحكام بالآلات التي تقع بها هذه الأفعال، نحو: الأقلام والقراطيس وغير ذلك من آلات الكتابة وسائر آلات الصناع، فلما تعلقت هذه الأحكام بهذا الشخص المشاهد دون الآلات، ودون ما هو محل للفعل من الأجسام - ظهر بذلك أن هذا الشخص هو الإنسان المتصرف، وأنه الحي القادر والعالم العامل، وهذا واضح لمن تأمله وأنصف.

[٢: أن مخالفة الضرورة لا تجوز]

  والذي يدل على الثاني أن مخالفة العلم الضروري هو خروج عن حكم العقلاء، ودخوله في زمرة السوفسطائية⁣(⁣١) المتجاهلة الذين كابروا العلوم


(١) السفسطة - كـ (بعثرة) -: من السوفسطائية، والسوفسطائية: كلمة مأخوذة من كلمة يونانية هي «سوفسطيقا»، و «سوفسطيقا»: الكتاب الذي يحتوي على الأمور المغالطية والأشياء المضافة إليها، ومعناه المغالطات التي قصد مستعملوها أن يظن بها علما أو فلسفة من غير أن يكونوا كذلك، قال الفارابي: «شوقسطس» معناها حكمة مموهة، وعلم موه أو مظنون بها أنها حكمة وليست كذلك، وكل من اقتنى القدرة على استعمال ما يظن به بسبب ذلك أنه ذو حكمة، من غير أن يكون كذلك بالحقيقة - فهو يسمى السوفسطائي. وكثير ممن لا يعرف معنى هذا الاسم فيظن أن سوفسطائي لقب رجل أنشأ مذهبا ما ونسب من ذهب ذلك المذهب إليه، وظن آخرون أن هذه النسبة إنما تلحق من جحد إمكان المعارف، وليس واحد من هذين الظنين حقا، بل معنى السوفسطائي ما قلناه، وسبب غلطهم هو جهلهم بما تدل عليه هذه اللفظة باليونانية، غير أنه مع ذلك قد عرض لكثير ممن اقتنى هذه القوة أن جحد المعارف، لكن التسمية لم تلحقهم بسبب جحودهم المعارف، لكن إنها لحقتهم بسبب القوة التي اقتنوها». اه

والسوفسطائية في كتب (المقالات) هم الذين أنكروا الحقائق وجحدوها وأنكروا الحسيات والبديهيات، وهم فرقة من التجاهلية.

والسفسطة عند المنطقيين: هي القياس المركب من الوهميات. وقيل: القياس المركب من المشبهات بالواجبة القبول يسمي سوفسطائيا.

التمهيد في شرح معالم التوحيد للإمام يحيى بن حمزة: (١: ٤١ - ٤٢)، والمنية والأمل في شرح الملل والنحل للإمام المهدي: (٦١ - ٦٣)، والألفاظ المستعملة في المنطق للفارابي: (١٠٥) وكشاف اصطلاحات الفنون للتهانوي: (١: ٩٧٥).