الرسالة المناصفة للمتكلمين والفلاسفة،

جعفر بن أحمد بن عبد السلام (المتوفى: 573 هـ)

[الطريقة الأولى: إقامة البرهان ابتداء]:

صفحة 529 - الجزء 1

  الضرورية وأنكروا المعلومات جملة، ولا شك في بطلان مكابرتهم هذه فكذلك المنكر لكون الكاتب والصانع.

  ولا يصح أن يقال: إنها تعلقت هذه الأحكام بهذا الشخص لكونه واسطة بين الفعل والفاعل، سواء قيل: إنه محل لهذا الفعل الذي هو النفس أو ليس بمحل⁣(⁣١)، فلكونه واسطة علقت به⁣(⁣٢) هذه الأحكام (بهذا الشخص)⁣(⁣٣) لكونه فاعلا، لا لكونه واسطة ولا لكونه محلا للفاعل، وهذا بين لمن أنصف.

  ولا يصح أن يقال: إن العقلاء لما يشاهدون هذا الشخص الظاهر ويرون وقوع العلوم منه والأعمال به، فيظنون أنه هو العالم وهم لا يعلمون النفس والتي هي الإنسان العالم العامل على الحقيقة إلا بقياسات غامضة؛ فلذلك يعلقون هذه الأحكام التي ذكرتموها من حسن أمر ونهي ومدح وذم بهذا الشخص الظاهر؛ لتعلق هذه الأفعال به في ظاهر الأمر، وأنه لم يكن هو العالم العامل في الحقيقة.

  الأنا نقول: هذه مكابرة العلم الضروري؛ لأنه متقرر في عقل كل عاقل استحسان مدح هذا الشخص على دقائق العلوم المستنبطة بالأفكار وإظهار تميزه بذلك على غيره⁣(⁣٤)، ومدحه على مكارم الأخلاق ومحاسن الأخلاق⁣(⁣٥)، كالسخاء والعطف والبذل والرحمة والعفو والإنفاق وما جرى هذا المجري، واستحسان


(١) في المخطوطة: محل».

(٢) كذا في المخطوطة، ويبدو أنها زيادة.

(٣) كذا في المخطوطة. ولعله سقط كلام من العبارة يتضمن تعليل لم لا يصح أن يقال إنها تعلقت هذه الأحكام ... الخ، كا علله في الولا يصح» التالية.

(٤) نهاية ١٦٥ أ.

(٥) كذا، ولعلها: «الحلال»، لتقابل «ومساوئ الأعمال في العبارة التالية.