ثانيا: مولد أمير المؤمنين علي #
  ويحركه في المهد عند نومه، ويناغيه في يقظته، ويحمله على صدره ورقبته، ويطوف به جبال مكة وشعابها وأوديتها.
  فلما صار غلاماً أخذه النبي ÷ ورباه في حجره، كما قال علي #:
  (وضعني في حجره وأنا ولد، يضمني إلى صدره، ويكنفني في فراشه، وكان يمضغ الشيء ثم يلقمنيه).
  وكان علي # لا يفارق مربيَه العظيم، بل كان يلازمه ملازمة الظل، ويتبعه اتباع الفصيل لأمه، كما قال ~: (لقد كنت أتبعه اتباع الفصيل أثر أمه، يرفع لي في كل يوم من أخلاقه علماً ويأمرني بالإقتداء، ولقد كان يجاور في كل سنة بحراء، فأراه ولا يراه غيري، ولم يجمع بيتٌ واحد غير رسول الله ÷، وخديجة وأنا ثالثهما، أرى نور الوحي والرسالة، وأشم ريح النبوة).
  ولقد أجمع المؤرخون من الموالفين والمخالفين على أن أمير المؤمنين علياً # ولد في جوف الكعبة، لا يشك في ذلك منصف، ولا ينكره إلا متعسف.
  ولم تكن ولادة أمير المؤمنين علي # في جوف الكعبة أمراً أتى مصادفة، أو حصل مجازفة، بل في ذلك من الدلائل والفضائل الشيء الكثير، فولادته في جوف الكعبة إيذان وإعلام من الله تعالى بأن من طهره الله بالولادة فيها، سيكون هو من يطهرها من الأصنام، ويقتلع أوثان الشرك من على ظهرها، وكما قيل: أحبّ علي # أن يكافئ الكعبة حيث ولد في بطنها، بوضع الصنم عن ظهرها، كما قال القائل: