[الكلام على اشتراط العصمة]
  فإن قيل: قد تختلف الأمة في تأويل الآية أو الحديث بعد الاتفاق على صحته فيحصل بسبب ذلك مذاهب مختلفة تبعاً لاختلافهم في التأويل، ولا يتبين الحق منها إلا عن طريق المعصوم.
  قلنا: يعرف الحق ويتبين في مثل ذلك بأمور إذا حصلت كلها انكشف الحق ووضح:
  ١ - أن يكون التأويل والتفسير متمشياً مع المعروف من أساليب اللغة العربية وقواعدها؛ لأن القرآن عربي، ونبي الإسلام ÷ عربي: {قُرْآنًا عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ}[الزمر: ٢٨].
  ٢ - ألا يتخالف هذا التأويل مع الآيات المحكمات.
  ٣ - ألا يتنافى مع عظمة الله وجلاله وقدسيته وعدله ورحمته.
  فإذا حصلت هذه الأمور في التأويل ظهرت صحته، وإذا لم تحصل فهو تأويل فاسد.
  والدليل على أن هذه الأمور الثلاثة هي الطريق إلى معرفة التأويل الصحيح: أن القرآن عربي غير ذي عوج، فمن فسر اللفظة من القرآن أو الآية منه بمعنى لا تعطيه اللفظة أو الآية عند أهل اللغة فلا يقبل تأويله.
  والتأويل إذا خالف الآيات المحكمات يرد؛ لقوله تعالى في الآيات المحكمات: {هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ}[آل عمران: ٧]، وهكذا إذا كان في التأويل ما يتنافى مع عظمة الله وجلاله وقدسيته وعدله ورحمته وحكمته وعلمه وقدرته و ... إلخ، وهذه السبيل لا تحتاج إلى عصمة، وإنما تحتاج إلى العلم وحسن البيان.
  وسواء صدرت مثل هذه الحجة من معصوم أو غير معصوم؛ فالعصمة لا تزيد الحجة قوة، ولا تنقصها عدم العصمة.
  يزيد ذلك وضوحاً: أن الإمامية تستدل على صحة مذاهبها وتأويلاتها على حسب ما ذكرنا، وترى أنها بذلك قد أقامت الحجة على مخالفيها من غير حاجة إلى عصمة.