التبصرة في التوحيد والعدل،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

[الرؤية]

صفحة 46 - الجزء 1

  فإن قيل: ما أنكرتم أن يكون تعالى يُرى في الآخرة، لأنه ليس فيها نفي الرؤية في الآخرة؟

  قيل له: لا يجوز ذلك، لأنه تعالى مدح نفسه بنفي الرؤية عنها، فيجب أن يكون إثباتها نقصا، والنقص لا يجوز على الله تعالى في الآخرة، ولا في الدنيا.

  فإن قيل: فما الفصل بينكم وبين من قال: إن الله تعالى يجوز أن يرى، واحتج بقوله: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ ٢٢ إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ ٢٣}⁣[القيامة]، كما استدللتم على نفي الرؤية، بقوله تعالى: {لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ}⁣[الأنعام: ١٠٣]؟

  قيل له: إن النظر بالعين ليست حقيقة الرؤية، بل حقيقة الرؤية تقليب الحدقة في جهة المرئي طلبا لرؤيته، وإذا كان هذا هكذا، فظاهر الآية لا تدل على إثبات الرؤية، وتأويلها ما روي عن المفسرين، وهو: أنه إنما أراد به انتظار الثواب، عند أهل اللغة يجوز أن تقول: ناظرة إلى الله، بمعنى ناظرة إلى ثوابه، على ضرب من