فمنها: حديث الغدير:
  وروى ابن عبّاس رضى الله عنه عن النبيّ ÷ أنّه قال: «لمّا أُسري بي إلى السماء سمعت تحت العرش: إنّ عليّاً راية الهدى، وحبيب من يؤمن بي، بلّغ يا محمّد!»، ونزل قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الرَّسولُ بَلِّغ ما أُنزِلَ إِلَيكَ مِن رَبِّكَ}[المائدة: ٦٧] ... الآية.
  وفي رواية أُخرى: «وإنّي لم أبعث نبيّاً إلاّ جعلت له وزيراً، وإنّك رسول الله وإنّ عليّاً وزيرك»، فكره رسول الله ÷ أن يحدّث الناس بها؛ لأنّهم كانوا قريبي العهد بالجاهليّة، حتّى مضى ستّة أيّام، فنزل: {فَلَعَلَّكَ تَارِكٌ بَعْضَ مَا يُوحَى إِلَيْكَ}[هود: ١٢] ... الآية، فاحتمل رسول الله ÷ حتّى كان يوم الثامن، ثمّ نزل: {يَا أَيُّهَا الرَّسولُ بَلِّغ ما أُنزِلَ إِلَيكَ مِن رَبِّكَ وَإِن لَم تَفعَل فَما بَلَّغتَ رِسالَتَهُ وَاللَّهُ يَعصِمُكَ مِنَ النّاسِ}[المائدة: ٦٧].
  والكلام من هذا الخبر يقع في مكانين: أحدهما في صحّته، والثاني في وجه دلالته ..
  أمّا صحّته، فهو معلوم بالتواتر بين خلف الأُمّة وسلفها، ولم يخالف فيه أحد من رواة الحديث، ورواه من أصحاب رسول الله ÷ مائة، منهم العشرة، ولا شكّ في بلوغه حدّ التواتر،