البساط،

الناصر الحسن بن علي الأطروش (المتوفى: 304 هـ)

[أقسام الإيمان]

صفحة 62 - الجزء 1

  فَزادَتهُم رِجسًا إِلى رِجسِهِم وَماتوا وَهُم كافِرونَ ١٢٥}⁣[التوبة: ١٢٤ - ١٢٥] في أشباه لذلك يدل الله جل ذكره بها على أن الإيمان يزيد.

  فأعلم جل ذكره أن المؤمن لنفسه من سخطه ووعيده من عباده بفعله طاعاته إذا أنزلت سورة ازداد بفعل ما فرض الله فيها وأحدثه من فرض عليه، وإقرار بها إيمانا لنفسه من سخطه وعذابه، وأن المريض القلب المصر على معاصيه يزداد رجسا إلى رجسه، بخلافه ما أنزل الله ويموت على ضلاله كافرا.

  فنحن نقول: إن الإيمان يزيد كما وصف الحكيم العليم، ولا نقول: ينقص إذ لم يصف الحكيم العليم أنه ينقص؛ ولأنه لا يجوز أن يقال: ينقص إلا عند ما يرتكب العبد معصية لله سبحانه تسخطه عليه، وتوجب وعيده له، وهذه حال قد أعلمنا الله فيها أن عمل عبده يبطل كله ويحبط، فليس لذكر النقص معنى مع بطلان الكل.

  فأما دعاء الله جل ذكره المنافقين الذين قد أجمعت الأمة على كفرهم واستحقاقهم وعيد الله ولم يخرجوهم من أحكام أهل الملة بقوله جل ذكره: {يَا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا}⁣[البقرة: ١٠٤] كما قال لعبد الله بن أبي وأضرابه: {يَا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا لا تُلهِكُم أَموالُكُم وَلا أَولادُكُم عَن ذِكرِ اللَّهِ وَمَن يَفعَل ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ الخاسِرونَ}⁣[المنافقون: ٩] إلى قوله تعالى: {لَولا أَخَّرتَني إِلى أَجَلٍ قَريبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُن مِنَ الصّالِحينَ}⁣[المنافقون: ١٠] فإنه دعاهم بالصفة لما انتحلوه كأنه قال سبحانه: يا أيها الذين زعموا أنهم آمنوا، وليس ذلك الذي دعاهم به موجبا لهم أن يكونوا مؤمنين أنفسهم من سخط الله وعقابه، ولكن يوجب