البساط،

الناصر الحسن بن علي الأطروش (المتوفى: 304 هـ)

باب في وصف حقيقة الإيمان

صفحة 50 - الجزء 1

  الأجسام والأعراض والأجساد، وتحشرني إذا حشرت خلقك يوم التناد وقيام الأشهاد، كل حزب مع حزبه، وكل محب مع محبه، وكل قرين مع قرينه، وكل معان مع معينه، في زمرته وأسرته، ونجباء ذريته، الذين أخلصوا لك الطاعة وله، في مرافقة النبيئين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا، والحمد لله رب العالمين.

باب في وصف حقيقة الإيمان

  اختلف الناس في ماهية الإيمان، الذي يصل به العبد من مولاه الرحيم الرحمن إلى الخير والكرامة والإحسان، ويتباعد به من التخليد في النيران، فتكلموا فيه على غير معرفة بحقيقته ولا إيقان، وأنا فمستغن عن وصف اختلافهم في ذلك، بما أبينه من الحق المعروف في لغة العرب، وفي القرآن إن شاء الله.

  إعلم هداك الله أن أعظم الإيمان قدرا، ومنزلة عند الله وأجرا، وأجمعه للخيرات وأعمه نفعا وأرضاه لله جل ذكره، هو أن يؤمن الإنسان نفسه من سخط الله ووعيده، ويوجب له رضوانه وما وعد من النعيم في الجنة وتخليده، بإتباعه وفعله جميع ما فرض الله عليه واجتنابه كل مازجره ونهاه عنه، وقد يدخل في هذا الإيمان إيمان الإقرار والتصديق المحمود، باللسان والقلب وغيره من أعمال جميع الجوارح المرضية لله، تقول العرب: آمن فلان نفسه، وآمن غيره أن يظلمه، فهو يؤمن نفسه ويؤمن غيره أمنا وأمانا وإيمانا، وبهذا الإيمان سمى الله سبحانه نفسه فقال: {المُؤمِنُ المُهَيمِنُ}⁣[الحشر: ٢٣] فعنى بالمؤمن المؤمن عباده أن يظلمهم، والمهيمن الشهيد عليهم بأعمالهم ولهم، قال جل ذكره في تبيان أن المهيمنَ: الشهيدُ: {وَأَنزَلنا إِلَيكَ الكِتابَ بِالحَقِّ