البساط،

الناصر الحسن بن علي الأطروش (المتوفى: 304 هـ)

[معنى النفاق لغة]

صفحة 118 - الجزء 1

  وَيَتَّبِع غَيرَ سَبيلِ المُؤمِنينَ نُوَلِّهِ ما تَوَلّى وَنُصلِهِ جَهَنَّمَ وَساءَت مَصيرًا ١١٥ إِنَّ اللَّهَ لا يَغفِرُ أَن يُشرَكَ بِهِ وَيَغفِرُ ما دونَ ذلِكَ لِمَن يَشاءُ} إلى قوله: {وَما يَعِدُهُمُ الشَّيطانُ إِلّا غُرورًا ١٢٠ أُولئِكَ مَأواهُم جَهَنَّمُ وَلا يَجِدونَ عَنها مَحيصًا ١٢١}⁣[النساء].

  فتفهم وفقك الله هذا البيان، وهذا البرهان، من اللطيف الرحمن جل ذكره فيمن قد تبين له الهدى فخالف الرسول #.

  ثم أخبر أنه لايغفر أن يشرك به في الطاعة فيطاع من جهة، ويطاع الشيطان من جهة أخرى، بما وصف عن الشيطان أنه يعدهم ويمنيهم ويأمرهم يبتكون آذان الأنعام، ويأمرهم بتغيير خلق الله، فيفعلون ويقبلون منه، ويطيعونه مع طاعتهم لله، وذلك شرك بالله في الطاعة؛ لأنهم أطاعوا الله في بعض أمره وأطاعوا الشيطان في بعض أمره، وذلك من المعاصي في ماأوعد الله عليه من الكبائر.

  فأما الصغائر فإن الله جل ذكره وعد مغفرتها وتكفيرها، والصغائر فهي التي فيها {وَيَغفِرُ ما دونَ ذلِكَ لِمَن يَشاءُ}⁣[النساء: ٤٨] وكذلك قال سبحانه فيما بين في هذه السورة {إِن تَجتَنِبوا كَبائِرَ ما تُنهَونَ عَنهُ نُكَفِّر عَنكُم سَيِّئَاتِكُم وَنُدخِلكُم مُدخَلًا كَريمًا}⁣[النساء: ٣١] فتكفيرها بسترها وتمحيصها في الدنيا بالمصائب فمصائب المؤمنين تمحيص لصغائر ذنوبهم، ومصائب الكافرين محق لهم، قال جل ذكره: {وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذينَ آمَنوا وَيَمحَقَ الكافِرينَ}⁣[آل عمران: ١٤١].