الاختلاف دليل الحدوث
  وزيادة في التوضيح نقول: إنَّ الجبل إذا كان ارتفاعه ألف ذراع مع إمكان أن يكون خمسمائة، أو ثلاثمائة، أو مائة، أو خمسين، أو نحو ذلك، فلا يمكن أن يكون على مقدار معين منها إلا باختيار مختار.
  وكذا اختلاف الأجسام، والجبال، والأرضين، والسموات في مقاديرها، وألوانها، وصلابتها، ورخوها، وخشونتها، وملاستها ومحالِّها فإنه كان يمكن أن يكون كل جسم في غير المحل الذي هو فيه، وأن يكون المرتفع منخفضاً، والعكس، وأن يكون الطويل قصيراً، والعكس وكذا سائر الصفات التي ذكرناها، وغيرها.
  فكل ما كان على صفة، فكان من الممكن أن يكون على غيرها وكذا الأعراض مختلفة فيما بينها، وهي أنواع كثيرة، وكان من الممكن أن يكون كل فرد على خلاف ما هو عليه، بأن يكون الحالي حامضاً، والعكس، والأبيض أسود، أو أحمر، ونحو ذلك.
  فهذا هو الاختلاف الذي ذكر أئمتنا أنَّه دليلُ الحدوث، ولا تنس أن الجسم ماهيةٌ تحته أنواع كثيرة وأفراد، والعَرَضُ كذلك، والجسم أشياء، وذوات كثيرة، وكذا العَرَضُ.