[نجاة أبي طالب قول جماعة من أكابر العلماء: القرطبي، السبكي، الشعراني]
  ولا منافاة بينها وبين الأحاديث التي فيها ذكر كفره ودخوله النار لما تقدم أن الحُكْمَ بكفره إنما هو بالنسبة للأحكام الدنيوية نظراً لظاهر الشرع، وأن دخوله النار لأجل ترك فرض من الفرائض، وهذا لا يلزم منه خلوده في النار، وليس هناك نص على أنه مخلد في النار مع ما مَرَّ في بيان سبب نزول النهي عن الاستغفار من الجمع ولله الحمد.
  وتقدم أن قوله تعالى: {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ}[القصص: ٥٦] لا يمنع من إيمانه، فإنها إنما دلت على أنك لا تهديه، ولكن الله يهدي من يشاء، فنقول: إن الله هداه. وتقدم أن العباس لما أخبر النبي ÷ بأنه أتى بالشهادة قال له: لم أسمعه، إنما قال له ذلك نظراً إلى ظاهر الحال، وذلك لا يمنع أن الله أطلعه على إيمانه، ولذلك قال: «كل الخير أرجو له من ربي»(١).
  وقد صَحَّ أن العباس سأل رسول الله ÷ فقال: يا رسول الله أترجو لأبي طالب خيراً؟ قال: «كل الخير أرجو من ربي»(٢) وهذا الحديث رواه ابن سعد في الطبقات بسند صحيح.
  ورجاؤه ÷ محقق ولا يرجو كل الخير إلا لمؤمن ولا يجوز أن يراد بهذا ما حصل له من تخفيف العذاب فإنه ليس خيراً فضلاً عن أن
(١) رواه ابن سعد في «الطبقات» كما تقدم (١/ ١٢٥ - ١٢٦).
(٢) رواه ابن سعد في «الطبقات» كما تقدم (١/ ١٢٦).