أسنى المطالب في نجاة أبي طالب،

أحمد بن زيني دحلان (المتوفى: 1304 هـ)

فصل ذكر الآيات التي زعموا أنها نزلت في أبي طالب

صفحة 18 - الجزء 1

  وبهذا بطل الحديث وبالتالي بطل كون هاتين الآيتين نزلتا في أبي طالب.

  بيان الأوجه الأخرى التي لا يصح بها نزول: {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ}⁣[القصص: ٥٦] في أبي طالب:

  وأما قوله تعالى {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ ...} الآية، فيمكن الجواب عنها من أوجه منها:

  ١ - أن سياق الآية هو: {وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ ٥٥ إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ ٥٦ وَقَالُوا إِنْ نَتَّبِعِ الْهُدَى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنَا أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَمًا آمِنًا يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ رِزْقًا مِنْ لَدُنَّا وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ٥٧}⁣[القصص].

  وهذا خطاب لجماعة وليس لأبي طالب مثل قوله تعالى: {لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ}⁣[البقرة: ٢٧٢]! وأبو طالب لم يخف أن يتخطف من أرضه بدليل مناصرته للنبي ÷، فلو خاف من ذلك لما دافع عنه وحصر في الشعب معه إلى آخر ما هو معلوم!

  ٢ - كيف يصح عود الضمير على أبي طالب في قوله تعالى (من أحببت)⁣(⁣١)


(١) قال الماوردي في تفسيره (٤/ ٢٥٩): «قوله تعالى {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ} فيه وجهان: ... الثاني: من أحببته لقرابته، قاله ابن عباس ومجاهد وقتادة والحسن ...». فلاحظ هذا!