أسنى المطالب في نجاة أبي طالب،

أحمد بن زيني دحلان (المتوفى: 1304 هـ)

[سبب عدم إظهار أبي طالب لإيمانه حتى صار (كمؤمن آل فرعون)]

صفحة 34 - الجزء 1

  فهم لم يُقِرُّوا برسالته عناداً، ويعتقدون في قلوبهم صدقه في دعوى الرسالة، فهؤلاء مؤمنون به في الباطن، مكذبون به في الظاهر عناداً، فلا ينفعهم الإيمان الباطني، حيث كان تكذيبهم الظاهري عناداً.

  وأما إذا كان عدم الانقياد الظاهري وعدم النطق بالشهادتين لعذر لا لعناد، فإن الإيمان الباطني ينفع صاحبه باطناً عند الله في الدار الآخرة، ولكنه في الظاهر يعامل معاملة الكفار، فيقال: إنه كافر بحسب أحكام الدنيا⁣(⁣١).

[سبب عدم إظهار أبي طالب لإيمانه حتى صار (كمؤمن آل فرعون)]

  والعذر الذي يمنع من الانقياد في الظاهر له أسباب، منها: الخوف من ظالم بأن خاف إن أظهر إسلامه وانقياده أن يقتله أو يؤذيه أذى لا يحتمل، أو يؤذي أحداً من أولاده أو أقاربه، فهذا يجوز إخفاء إسلامه⁣(⁣٢).


(١) أقول: كل هذه المقدمات يسوقها السيد البرزنجي والسيد أحمد زيني دحلان ® لأجل حديث ابن عباس الذي فيه أن الرجل الذي في رجليه نعلان من نار يغلي منها دماغه هو أبو طالب وكون الحديث في صحيح مسلم مع أنه شاذ مردود كما مرّ في المقدمة، والعوامل التاريخية الأموية هي باعتقادي التي نشرت هذا الحديث الباطل وتلك الفكرة المصادمة للحقيقة وتناقلها كثير من المسلمين دون وعي لحقيقة الأمر! ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

(٢) كما جاء في حديث سيدنا عمار ¥، فعن محمد بن عمار بن ياسر قال أخذ المشركون عمار بن ياسر فلم يتركوه حتى سب النبي ÷ وذكر آلهتهم بخير ثم تركوه، فلما أتى النبي ÷ قال: «ما وراءك» قال: شرٌ يا رسول الله! ما تُرِكْتُ حتى نلتُ منك وذكرتُ آلهتهم بخير.، قال: «كيف تجد قلبك»؟ قال: مطمئناً بالإيمان قال: «إن عادوا فَعُدْ» ... رواه ابن جرير الطبري في تفسير (٨/ ١٤ /١٨٢) والحاكم (٢/ ٣٥٧) وصححه على شرطهما والبيهقي (٨/ ٢٠٨) في باب المكره على الرِّدة، وهو صحيح.