أسنى المطالب في نجاة أبي طالب،

أحمد بن زيني دحلان (المتوفى: 1304 هـ)

[تواتر الأخبار بحب أبي طالب للني ونصرته له]

صفحة 53 - الجزء 1

  فرفعه على عاتقه وهو يومئذ غلام، ثم دعا فسقوا في الحال.

  واستسقى به أبو طالب بعد وفاة عبد المطلب حين أصاب أهل مكة قحط شديد، فأتَوا أبا طالب فقالوا له قد أقحط الوادي وأجدب العيال فَهَلُمَّ فاستسق، فخرج أبو طالب ومعه النبي ÷ وهو غلام، فأخذه أبو طالب فألصقه بالكعبة ولاذ الغلام، أي: أشار بإصبعه إلى السماء كالملتجئ وما في السماء قزعة، فأقبل السحاب من ههنا وههنا، وأمطرت السماء، واغدودق الوادي، وكثر قطره، وأخصب النادي والبادي، وفي هذه يقول أبو طالب بعد بعثة النبي ÷ يُذَكِّرُ قريشاً يده ÷ وبركته عليهم من صغره:

  وأبيض يستسقى الغمام بوجهه ... شمال اليتامى عصمة للأرامل⁣(⁣١)

  يلوذ به الهُلاك من آل هاشم ... فهم عنده في نعمة وفواضل


(١) ثبت في البخاري (١٠٠٩) أن هذا البيت لأبي طالب في مدح النبي ÷، قال الحافظ ابن حجر في «فتح الباري» (٢/ ٤٩٦): [وهذا البيت من أبياتٍ في قصيدة لأبي طالب ذكرها بن إسحاق في السيرة بطولها، وهي أكثر من ثمانين بيتاً، قالها لما تمالأت قريش على النبي ÷ ونفروا عنه من يريد الإسلام، أولها: ولما رأيت القوم لا ود فيهم وقد قطعوا كل العرا والوسائل، وقد جاهرونا بالعداوة والأذى وقد طاوعوا أمر العدو المزايل، يقول فيها: أعبد مناف أنتم خير قومكم فلا تشركوا في أمركم كل واغل.، فقد خفت إن لم يصلح الله أمركم تكونوا كما كانت أحاديث وائل، يقول فيها: أعوذ برب الناس من كل طاعن علينا بسوء أو ملح بباطل، وثور ومن أرسى ثبيراً مكانه وراق لبر في حراء ونازل، وبالبيت حق البيت من بطن مكة وبالله أن الله ليس بغافل، يقول فيها: كذبتم وبيت الله نبزي محمداً ولما نطاعن حوله =