[عرض أدلة القائلين بعدم إيمانه و تفنيدها للعلامة البرزنجي]
  وفي رواية: لما تقارب من أبي طالب الموت نظر إليه العباس فرآه يحرك شفتيه فأصغى إليه بأذنه فسمع منه الشهادة، فقال للنبي ÷: يا ابن أخي، والله لقد قال أخي الكلمة التي أمرته بها(١)، ولم يصرح العباس بلفظ لا إله إلا الله لكونه لم يكن أسلم حينئذ، فقال رسول الله ÷: لم أسمع.
  وهذا معنى قولهم: أنه ÷ لم يعتد بها، فكأنه لم ينطق بها، والقائلون بعدم نجاته لم يأخذوا بهذا الحديث لكون العباس شهد بها حال كفره قبل أن يسلم، وبعضهم ضعف هذا الحديث.
  فعلى تسليم عدم الاعتداد بنطقه هذا، وأن الحديث ضعيف فنقول: هو كافر باعتبار أحكام الدنيا، وأما عند الله فهو مؤمن ناج ممتلئ قلبه إيماناً، بدليل ما تقدم عنه مما يدل على ذلك أنه يمكن أن عدم نطقه بحضور أبي جهل وعبد الله بن أمية حرصاً منه على بقاء الحفظ للنبي ÷ وصيانته من أذيتهم له بعد وفاته، لأنه كان يرى أنه إذا أظهر لهم أنه على دينهم تبقى حرمته وتعظيمه عندهم بعد وفاته فلا ينال النبي ÷ منهم أذى، وإذا كان هذا قصده كان معذوراً، فتكون إجابته لهما بما أجابهم به مداراة لهما لئلا ينفرهما خشية أن يؤذوا رسول الله ÷ بعد وفاته.
(١) ذكر ذلك ابن هشام في السيرة (٢/ ٢٦٦).